الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

الرد على الملحدين للشعراوي

الرد على الشبهات عبدالمحسن الاحمد الجزء3

الرد على الشبهات الجزء الاول عبدالمحسن الاحمد

الرد على الشبهات عبدالمحسن الاحمد 2

الرد على شبهات النصارى عبدالمحسن الاحمد

الرد على شبهة اخوة الرضاعة بالاسلام

الرد علي الملحدين في شبهتهم اخوة الرضاعة بالاسلام


حقائق جديدة تثبت صدق كلام الله وكذب كلام الملحد





الملحد يحاول جاهدا أن يتجاهل نور الله الذي يبهر عينيه

كعادتهم دائماً يتابع الملحدون انتقادهم لأي شيء يصادفهم في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ويسوقون الحجج الواهية على أن القرآن يناقض العلم والحقائق العلمية. وإن الذي يتعمق في شخصية "الملحدين" يرى بأنهم يحاولون أن يخطِّئوا أي بحث في الإعجاز العلمي ويستخدمون الوسيلة ذاتها وهي إما أن ينكروا الحقيقة العلمية، أو ينكروا التفسير العلمي للآية أو الحديث.

وعندما فتشوا في كتاب الله وجدوا أن القرآن يحرِّم الزواج من الإخوة في الرضاعة، أي أن الأم التي ترضع ولداً غير أبنائها، يصبح كبقية أبنائها أخاً لهم. ووجدوا وسيلة للتشكيك في كتاب الله، فقالوا إن محمداً صلى الله عليه وسلم حرَّم أخوة الرضاعة لأنه رضع من غير أمه، وأنه لا فرق بين من يرضع من أمه أو من غيرها، وأن هذه الآية تناقض العلم!

وقد ظهرت مؤخراً بعض الأبحاث الطبية التي تؤكد أن حليب الأم يؤثر على الجهاز المناعي للطفل، فهو يحوي مضادات حيوية تقي الطفل شر الأمراض وبخاصة أمراض الجهاز الهضمي، ولكن هذه الأبحاث لم تكن كافية للملحدين ليقتنعوا أن حليب الأم له خصوصية، وأنه يختلف عن الحليب العادي. وقالوا إن هذه المضادات الحيوية غير كافية لتجعل من هذا الطفل أخاً في الرضاعة.

والحقيقة يا أحبتي أن هؤلاء يحاولون التشكيك بهدف التشكيك، ويجادلون بهدف المجادلة فقط، ولذلك لا يمكن الوصول معهم إلى نتيجة، ولكن لا يعني ذلك ألا نناقشهم ونقيم عليهم الحجة، لأن بعض إخوتنا من المسلمين وبخاصة الذين لا يمتلكون قاعدة علمية وإيمانية قوية يتأثرون بكلامهم، لذلك أنصح كل أخ مؤمن أن يطلع على الإعجاز العلمي جيداً ثم يطلع على انتقادات الملحدين لها، وسيرى ويحكم بنفسه أنها انتقادات ضعيفة جداً وغير مقنعة.

لقد اجتهد بعض علمائنا في إثبات الإعجاز العلمي لهذه الرضاعة، ولكن الملحدين سخروا من هذا الأمر، وطلبوا الدليل العلمي والمرجع واسم العالم "الغربي" واسم الجامعة التي تم فيها هذا البحث، وهذه عادتهم كما أسلفنا. ولكن وكما نعلم فإن أي اكتشاف يبدأ بشكل نظرية ثم يصبح حقيقة مع الزمن، والبحث الجديد الذي قدمه الدكتور Mark Cregan عالم البيولوجيا الجزيئية من جامعة غرب أستراليا، هو اكتشاف يعرض لأول مرة كما يقول (فبراير 2008)، وقد أثبت من خلاله أن حليب الأم يؤثر على الطفل الذي رضع منها بشكل مذهل لم يكن معروفاً من قبل، لنقرأ.

يؤكد الأطباء حتى هذه اللحظة أنهم يجهلون التركيب الدقيق لحليب الأم. ولكن الدكتور سيرغان يقول في بحثه:

إننا وللمرة الأولى ندرك أن حليب الأم يحوي خلايا جذعية (جنينية)، وهذه الخلايا معقدة لدرجة كبيرة لا نزال نجهلها. وهي تؤثر على الطفل الذي يرضع حليب أمه بشكل كبير.

إن الخلايا الجذعية الموجودة في حليب الأم تشبه بل تطابق تماماً خلايا الجنين الذي تحمله في بطنها! أي أن الطفل الذي يرضع من ثدي امرأة غير أمه يكتسب خصائص تشبه خصائص إخوته.

بل إن الدكتور Mark Cregan يقول وبالحرف الواحد:

إن الخلايا الجنينية الموجودة في حليب الأم تحوي برنامجاً يؤثر على من يتناول هذا الحليب، وتساهم في بناء الأنسجة في جسده، بل وتؤثر على سلوك هذا الطفل في المستقبل ويستمر تأثيرها إلى ما بعد مرحلة البلوغ!



صورة للخلايا الجذعية في حليب الأم وهي الخلايا الصغيرة باللون الأحمر والأزرق، أما الخلايا ذات اللون الأخضر فهي خلايا الأم الموجودة في حليبها، وهذه الصورة تثبت أن حليب الأم يحوي نفس خلايا أبنائها، أي أن الطفل الذي يرضع من امرأة يكتسب صفات أمه وإخوته في الرضاعة!






ولكي لا يشكك ملحد مستكبر بهذه الحقائق يمكن الرجوع لهذا البحث وعنوانه (Breast milk contains stem cells,) وهو موجود على الرابط: http://www.sciencealert.com.au/news/20081102-16879.html


ويؤكد البحث الجديد بشدة أن لبن الأم لا يشبه أبداً أي لبن على وجه الأرض، بل هناك اختلاف كبير بين الحليب العادي وحليب الأم، ولكن شركات تصنيع الحليب المجفف صورت إنتاجها على أنه يضاهي حليب الأم وهذا الكلام غير صحيح، وهذا القول للدكتور سيرغان.

ويحاول الدكتور سيرغان استغلال هذه الخلايا في علاج الأمراض المستعصية، مثل السكري وغيره، ويؤكد بثقة تامة أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل يؤثر على الطفل الذي يتناوله، لأنه يستهلك كمية من خلايا مرضعته لتصبح مثل أمه!! ويقول إن اكتشافه هذا سيكون بداية لسلسلة من المفاجآت!



طبعاً الخلايا الجنينية أو الجذعية تتميز بأنها قادرة (بأمر الله) على التطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا مثل خلايا الجلد وخلايا الأنسجة وغير ذلك، وبالتالي فإن الطفل الذي يرضع من امرأة، فإن خلايا هذه المرأة تدخل إلى جسده وتتطور إلى أنواع أخرى من الخلايا، أي أنه يكتسب صفات من أمه، لأنه يحمل في جسده خلايا منها تماماً مثل أبنائها والذين سيصبحون مثل إخوته!

ولا ننسى أن حليب الأم يحوي خلايا مناعية وهذه تدخل إلى جوف الطفل وتساهم في بناء نظامه المناعي، وإعادة برمجة هذا النظام، ويؤكد الباحثون أن هناك خلايا أكثر تعقيداً لا تزال مجهولة في حليب الأم ويمكن أن يكون لها أثر كبير على الطفل! ويؤكد هذا العالم بقوة أن حليب الأم يختلف عن الحليب البقري أو المجفف، بل لا يوجد أي تشابه بينهما، وأن حليب البقر أو المجفف هو مجرد غذاء، وأن حليب الأم أكثر من ذلك يكثير، حيث يحوي أعقد أنواع الخلايا، والتي لا توجد في أي حليب آخر! وفي هذا رد على من يسخر من تعاليم القرآن والسنة، ويقول إذا شربنا حليب بقرة فهل تصبح أماً لنا؟! بالطبع لا لأن حليب البقر لا يحوي الخلايا التي اكتشفها العلماء والتي تؤثر على مناعة الجسم وعلى نظام تطور الطفل وعلى بناء أنسجته!

ولو كان الأمر كذلك إذاً لماذا يحذر العلماء من ترك الإرضاع الطبيعي، ونجدهم في كل مؤتمراتهم يؤكدون على أهمية التغذية بحليب الأم (أو أي امرأة المهم أن يكون حليباً بشرياً)؟ فحليب البقر لا يحوي هذه الخلايا وهذه الأجسام المناعية، ولا يحوي مضادات حيوية، ولا يحوي خلايا جنينية، ولو احتوى على ذلك لكان له نفس أثر حليب الأم. ولكن حليب البقر يؤثر على البقر نفسه فيزيد المناعة، وليس على البشر!

ونقول سبحان الله! هذه اعترافات صريحة وواضحة من أحد علماء الغرب، أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل هو أكثر من ذلك، إنه إعادة بناء لخلايا الطفل بما يتفق مع خلايا المرأة التي أرضعته، وسؤالنا: أليس هذا ما أشار إليه القرآن قبل أربعة عشر قرناً؟

وجه الإعجاز

- إن هذا الاكتشاف يؤكد أن الطفل يكتسب خصائص المرأة التي أرضعته وأبناءها، لأن الخلايا ذاتها (خلايا المرأة المرضعة وأبنائها) تدفقت إلى جسده وأحدثت تغييراً جذرياً. ولذلك قال: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء: 23>.

- إن اكتساب خصائص جديدة للطفل لا يعني أنه يغير خصائصه الأصلية، فجسده يحوي خلايا أمه الحقيقية، ويحوي خلايا من المرأة التي أرضعته، ولذلك كانت هذه المرضعة بمثابة أم له، ولذلك قال تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) [النساء: 23>. وهذا سبق علمي للقرآن حيث سمَّى المرضعة بالأم لأنها بالفعل تعطي رضيعها نفس الخلايا التي قدمتها لأبنائها، ونفس الخلايا التي في جسدها.

- يؤكد البحث الجديد أن تأثير حليب الأم يستمر إلى ما بعد البلوغ، وقد يستمر حتى نهاية حياة الإنسان. وبالتالي فإن التغيير الذي حدث في بنية هذا الطفل أو الطفلة يستمر إلى ما بعد زواجه ويورثه لأبنائه، ولذلك يحرم مثلاً الزواج ببنت الأخت من الرضاعة. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسَب) [متفق عليه>. صدقت يا حبيبنا يا رسول الله!

والآن ربما ندرك الحكمة العلمية ولماذا اعتبر القرآن أن المرأة التي ترضع طفلاً تصبح أماً له في الرضاعة، وأبناؤها يصبحون إخوة له في الرضاعة، فالقرآن حريص على سلامتنا وصحتنا وسعادتنا. فكما نعلم زواج الإخوة يؤدي إلى احتمال كبير أن يأتي الجنين مشوهاً، ولذلك حرم الله تعالى زواج الإخوة في الرضاعة، لحمايتنا من أي مشكلة أو خطر أو مرض.

ولكن الملحد طبعاً سيطلب الدليل على ذلك أيضاً، وسيقول: أثبتوا لنا أن زواج الإخوة من الرضاعة له أضرار، ونقول سوف تكشف الأبحاث إن شاء الله صدق كلام الله تعالى عاجلاً أم آجلاً، ولن تكون هناك حجة لملحد على مؤمن، كيف ذلك والله تعالى هو القائل: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141>.

نماذج من انتقادات الملحدين للإعجاز العلمي والرد عليها

انظروا يا أحبتي كيف ينتقدون معجزات القرآن ويكررون الحجة ذاتها، يطلبون الدليل والمرجع العلمي الغربي، ونريد أن نقول إننا لا ننتظر علماء الغرب حتى يثبتوا لنا صدق كتاب الله وسنة حبيبه عليه الصلاة والسلام، بل مرجعنا هو القرآن والسنة، وما هذه الاكتشافات العلمية إلا وسيلة تزيد إيماننا وخشوعنا أمام هذه المعجزات.

طبعاً لم يتركوا شيئاً إلا وانتقدوه لأن أسهل شيء على الملحد أن يقول لك أين الدليل وأين اسم العالم وأين البحث الذي يثبت صدق هذه المعجزة، ولو اتسع المقام لسردنا كل انتقاداتهم، ولكن لكي لا يمل القارئ نقتصر على بعض النماذج، لنرى كذبهم وضعفهم أمام الحجة والبرهان العلمي. لنرى كيف أنهم ينكرون الحقائق العلمية، ويصورون لنا أنهم يستندون إلى لغة العلم، وهم في الحقيقة أبعد الناس عن المنطق العلمي، إذ كيف يمكن أن أثق بعقل إنسان يعتقد أن كل ما في الكون من خلق وإبداع وإتقان هو من صنع مصادفة عمياء! وبما أنهم لا يقتنعون بكلام الله أو كلام علمائنا، فسوف نترك أقوال علمائهم لترد عليهم!

انتقادهم لمدة الرضاعة

قال بعض المشككين إن المدة التي حددها القرآن للرضاعة وهي حولين كاملين (أي سنتين) غير صحيحة علمياً، لأن الطفل يمكن أن يكفيه سنة مثلاً وهذا أمر يعود للأطباء ولسنا ملزمين بتعاليم القرآن لأنها لا تتفق مع البحث العلمي الحديث.

ونقول يا أحبتي إن كلامهم هذا لا يستند إلى أي بحث علمي بل إن الأطباء بالفعل قالوا ذلك في البداية لكنهم عدلوا عن قولهم بعدما ظهرت لهم حقائق جديدة ويقينية. واليوم يتحدث معظم الأخصائيين في علم تغذية الطفل أن المدة المثالية للإرضاع هي سنتين كاملتين!! وسوف نضع أقوال العلماء بحرفيتها مع المرجع، لكي لا ندع مجالاً للتشكيك بصدق هذه الحقائق العلمية.

فقد عقدت منظمة الصحة العالمية مؤتمراً لها بعنوان "Complementary feeding" عام 2001 وجاء بنتيجته:

The first two years of a child’s life are a critical window during which the foundations for healthy growth and development are built. Infant and young child feeding is a core dimension of care in this period.

ومعنى هذا الكلام: "إن السنتين الأوليين من حياة الطفل هما نافذة حرجة يتم خلالهما بناء التأسيسات للنمو والتطور الصحي. إن تغذية الطفل الرضيع هي بعد جوهري للعناية خلال هذه الفترة". ومرجع هذا البحث هو:

Complementary feeding, Report of the global consultation, Geneva, 10-13 December 2001.

ويقول العلماء اليوم بعد تجارب استمرت نصف قرن:

After a child reaches 2 years of age, it is very difficult to reverse stunting that has occurred earlier

وترجمة هذا القول: "بعد أن يبلغ الطفل سنتين من العمر من الصعب جداً أن ينعكس العامل المعيق للنمو والذي كان ممكن الحصول قبل هذه المدة". ومرجع هذا البحث هو:

Kathryn Dewey, GUIDING PRINCIPLES FOR COMPLEMENTARY FEEDING OF THE BREASTFED CHILD, Global Consultation on Complementary Feeding, December 10-13, 2001.

كذلك فقد بينت الأبحاث الحديثة أن الإرضاع الطبيعي لمدة 24 شهراً يقي الأم من خطر سرطان المبيض بنسبة الثلث. والمرجع العلمي لهذاالكلام هو:

"Rates and risks of ovarian cancer in subgroups of white women in the United States." Obstet Gynecol 1994 Nov; 84(5): 760-764

فهل يوجد أوضح من هذا الكلام في أن المدة المثالية للإرضاع هي حولين كاملين كما قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233>. فالرضاعة التامة والتغذية الصحيحة لا تكتمل ولا تتم إلا بعد سنتين كاملتين، أليس هذا ما يقوله العلماء اليوم؟

ابوحنيفة والرد على الملاحدة



بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إلى الذي سأل أين الله ؟

قال الملحدون لأبي حنيفة : في أي سنة وجد ربك ؟

قال : (الله موجود قبل التاريخ والأزمنة لا أول لوجوده ...

قال لهم : ماذا قبل الأربعة؟

قالوا : ثلاثة ..

قال لهم :ماذا قبل الثلاثة ؟

قالوا : إثنان ..

قال لهم : ماذا قبل الإثنين ؟

قالوا : واحد ..

قال لهم : وما قبل الواحد ؟

قالوا : لا شئ قبله ..

قال لهم : إذا كان الواحد الحسابي لا شئ قبله فكيف بالواحد الحقيقي وهو الله !إنه قديم لا أول لوجوده ..

قالوا : في أي جهة يتجه ربك ؟

قال : لو أحضرتم مصباحا في مكان مظلم إلى أي جهة يتجه النور ؟

قالوا : في كل مكان ..

قال : إذا كان هذا النور الصناعي فكيف بنور السماوات والأرض !؟

قالوا : عرّفنا شيئا عن ذات ربك ؟ أهي صلبة كالحديد أو سائلة كالماء ؟ أم غازية كالدخان والبخار؟

فقال : هل جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير ؟

قالوا : جلسنا ..

قال : هل كلمكم بعدما أسكته الموت ؟

قالوا : لا.

قال : هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك ؟

قالوا
: نعم.

قال : ما الذي غيره ؟

قالوا : خروج روحه.

قال : أخرجت روحه ؟

قالوا : نعم.

قال : صفوا لي هذه الروح ، هل هي صلبة كالحديد أم سائلة كالماء ؟ أم غازية كالدخان والبخار ؟

قالوا : لا نعرف شيئا عنها !!

قال : إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنكم الوصول إلى كنهها فكيف تريدون مني أن اصف لكم الذات الإلهية ؟
ألماني ملحد يعلن إسلامه في الجزائر
تاريخ المقال : 15/7/2010


قامت جريدة الشروق الجزائرية اليومية بلقاء مع ألماني ملحد أشهر إسلامه في الجزائر إليكم نص اللقاء للفائدة:

لديه إرادة وشغف كبيرين لتعلم لغة الإسلام، الدين الحق الذي اعتنقه عن قناعة بعدما جال في عديد الدول، إلى أن وصل أخيرا إلى الجزائر، التي تقرر بعدها أن ينهي مرحلة فراغه الديني، وبحثه في المجهول عن اليقين، فيهتدي إلى دين التوحيد. اسمه "دوربي راينا الألماني" صاحب41 سنة،* ‬أو*"‬منصف*"‬* ‬كما* ‬أحب* ‬أن* ‬يلقب* ‬من* ‬الآن* ‬فصاعدا*.‬

* فتح صدره للشروق اليومي، وأجاب عن الأسئلة التي ربما تكون أسئلة الجميع، خاصة منهم الباحثين عن أسباب دخول النصارى في دين الله أفواجا، ولكنه رفض التعليق عن قضايا المآذن والنقاب والحجاب في أوربا، بداعي أنه لا يود الخوض في القضايا السياسية. فكان هذا الحوار...

* *- ‬لماذا* ‬الإسلام* ‬دون* ‬الديانات* ‬الأخرى؟

* * بداية عهدي بالدين الإسلامي كان من خلال المسلمين العرب بألمانيا، خاصة وأنني كنت أعيش ببرلين، انتقلت بعدها إلى باكستان والمملكة العربية السعودية، تعرفت خلال هذه الفترة أكثر بالإسلام، حيث جذبني إليه صور التضامن والتعاون والإيثار، الشيء الذي لم أجده في مجتمعي،* ‬وفي* ‬الديانة* ‬النصرانية* ‬الأكثر* ‬اعتناقا* ‬بألمانيا،* ‬سيما* ‬وأنني* ‬ملحد،* ‬وفي* ‬الجزائر* ‬كان* ‬لدي* ‬أصدقاء* ‬عندما* ‬كنت* ‬أشتغل* ‬بحاسي* ‬مسعود* ‬مهندسا* ‬إلكترونيا،* ‬قضيت* ‬فيها* ‬فترة* ‬عامين،* ‬وأعجبت* ‬بالمجتمع* ‬الجزائري*..‬

* *- ‬هل* ‬لديك* ‬قصة* ‬معينة* ‬أثرّت* ‬على* ‬قرارك* ‬في* ‬اعتناق* ‬الإسلام؟

* *نعم، ويتجلى ذلك خلال شهر رمضان، حيث شاهدت العاملين من المسلمين يقومون بصيام اليوم كله دون شرب أوأكل رغم الحرارة المرتفعة، وهو الأمر الذي حز في نفسي، فقررت أن أجرب، وعند الإفطار اكتشفت ذلك الانسجام على مائدة الفطور، الأمر الذي جعلني أفكر مليا كيف لهؤلاء أن يصبروا على مشاق الصوم لو لم يكن هناك سبب وجيه، فأبحرت في رحلة * البحث عن الحقيقة، واختلطت أكثر بالمسلمين، سواء في ألمانيا أو الدول العربية التي زرتها، فصارت لدي قناعة ذاتية في اعتناق دين التوحيد واليقين.

* *-‬لماذا* ‬اخترت* ‬اسم* ‬منصف،* ‬رغم* ‬أن* ‬معظم* ‬المعتنقين* ‬للإسلام* ‬يلقبون* ‬أسماءهم* ‬بأسماء* ‬الأنبياء* ‬أو* ‬التابعين؟*

‬ * **‬اخترت* ‬اسم* ‬منصف* ‬تحديدا* ‬لأنني* ‬أريد* ‬أن* ‬أكون* ‬عادلا* ‬ومنصفا* ‬خلال* ‬سيرة* ‬حياتي* ‬المقبلة،* ‬ولأن* ‬الإسلام* ‬دين* ‬العدل* ‬والإنصاف*.‬ *

* *- ‬هل* ‬حاولت* ‬تأدية* ‬بعض* ‬الفرائض،* ‬وتعلم* ‬اللغة* ‬العربية،* ‬وحفظ* ‬بعض* ‬الآيات* ‬القرآنية؟

* * لقد نطقت بالشهادتين يوم 26 مارس 2010، بالمركز الثقافي الإسلامي بمسجد الرحمان ببرلين، وقبلها باشرت في التقيد ببعض تعاليم الإسلام، كتناول اللحم الحلال، وتحديدا منذ 22 فيفري 2008، حيث يضاف إلى أنه أكثر صحية، إلى جانب مثابرتي على تعلم اللغة العربية ـ رغم أن عملي يأخذ كل وقتي ـ فإنني أخصص عطلة السبت والأحد للالتحاق بمدرسة ببرلين، يشرف عليها أساتدة عرب لتعلم اللغة العربية، وأنا حاليا أحفظ الفاتحة وآيات قرآنية قصيرة، من أجل الصلاة، وأطالع كتاب عن سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم باللغة الألمانية، للاقتداء* ‬بسنته*.‬

* *- ‬كيف* ‬تقضي* ‬أوقاتك* ‬في* ‬الجزائر* ‬وبسكيكدة* ‬خصوصا؟*

* *أقيم حاليا بمدينة الحروش، عند عائلة الحاج إبراهيم مهري، حيث رفض صديقي عبد الحق، الذي تعرفت عليه ببرلين أن أنزل بفندق، وألح علي المكوث بمنزل عائلته، ما جعلني أكتشف أكثر جو الأسرة المسلمة، كما أعلنت إسلامي من جديد، بمسجد حي مرج الذيب بسكيكدة، الجمعة الماضية*. ‬

نقلا عن جريدة الشروق اليومية الجزائرية:
http://www.echoroukonline.com/ara/divers/54923.html

جنون الملاحدة

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

هذا هو ما يدور في عقول الغير مؤمنين
هذا ان كان لهم عقول يعقلون بها أصلا


هذا المصباح الصغيرلابد أن له صانعين



لكن هذه الشمس العملاقة صدفة !!!


















هذا لابد أن له صانعين






لكن هذا صدفة !!!








لكن هذا صدفة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!



اسال الله الهدايه




الرد على الملاحدة

يقول بعض الكتّاب: " إن الإيمان بالله لم يأت نتيجةً لبحثٍ علمي، أو تحليل منطقي، وإنما جاء عن طريق أن إنساناً ما وهو النبي قال للناس: إن هناك إلهاً وهذه هي صفاته، وهذه هي أحكامه وتشريعاته، فالمؤمن لم يتوصل إلى ذاك " الله " بمحض عقله، بل إن إيمانه جاء عن طريق تصديق النبي فيما قاله. إذاً الإيمان ما هو إلا نوع من تصديق شخص ما وليس أكثر من ذلك.." ا.هـ ، بهذا التبسيط الساذج، يقرر الملاحدة قضية الإيمان بالله، ليس هناك من دليل على وجوده، سوى شخص جاء وأخبر عنه، وأمر الناس بطاعته، فالإيمان لا يعدو أن يكون تصديق شخص ما، لا أقل ولا أكثر، فهل رأى أحدٌ سخرية من العقل والمنطق كهذه السخرية !!

إن الإيمان بالله عز وجل خالق الوجود ومسيّره، أعظم وأجل من أن يقال فيه هذا، ووجوده أعظم من أن يقتصر في الاستدلال عليه على خبر النبي رغم أهميته وعظم دلالته، بل أدلة وجوده أوسع وأعمق، فهي تتسع لتشمل كل ذرات الكون من فرشه إلى عرشه، فما من مخلوق في هذا الكون إلا وهو ينادي بالدلالة على خالقه، وهي دلالة لا تقتصر على إثبات الوجود فقط، بل تتسع لتدل على صفات هذا الخالق العظيم، من العلم والحكمة والإرادة والقدرة وغيرها.

ورغم سعة هذه الدلالات وعظمتها، فقد وجد من شواذ البشر، من زعم أنه لا إله، وأن الحياة مادة صماء لا تعقل ولا تنطق، وهي مع ذلك قد أوجدت نفسها بنفسها عن طريق التلقائية والمصادفة !! وهي ذاتها تسيَّر نفسها عن طريق نظام الطبيعة وقوانينها، دون أن يتدخل أحد لا في إيجادها ولا في تسييرها، في منطق يعجز العقل عن تصوره، إذ كيف لمادة صماء أن توجد نفسها، فضلا على أن تهب الحياة لغيرها ؟!! كيف ؟! والعقل قاضٍ بأن الموجود لابد له من موجد، وأن المخلوق لا بد له من خالق، كما نطق بذلك لسان الفطرة عند أعرابي، عندما سئل عن دليل وجود الله ؟ فقال: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير.

وفي كل شيء له آية *تدل على أنه واحد

ومع وضوح دلائل وجود الخالق سبحانه، إلا أننا نرى أن لا بد من الإتيان على ما يتشبث به الملاحدة من شبه بالنقض والإبطال، ليعلموا أن ليس معهم من العلم شيءٌ يستندون إليه في إنكار خالقهم ورازقهم، فمن شبهات الملاحدة:

الشبهة الأولى ، قولهم: إن العقول عاجزة عن تصور كنه هذا الإله وحقيقته، وما عجزت العقول عن إدراكه وتصوره فهذا دليل على عدم وجوده.

ونحن نجيب على هذه الشبهة بقولنا: إن المقدمة الأولى من هذه القضية صحيحة بلا شك، فالعباد قاطبة عاجزون عن معرفة حقيقة هذا الإله العظيم، ومن مأثور كلام أهل العلم في ذلك، قولهم: "كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، وعجزك عن درك الإدراك إدراك، والبحث في كنه ذات الله إشراك "، لكن المقدمة الثانية غير صحيحة، إذ ليس كل ما عجزت العقول عن معرفة حقيقته وكنهه عدم، وإلا للزم أن تنكر العقول كثيرا من أسرار هذا الكون لعجزها عن معرفة حقيقتها وكنهها، فقد وقف العلماء عاجزين عن معرفة حقيقة المادة التي بين أيديهم، وهم يرونها بأعينهم، ويذوقونها بألسنتهم، ويشمونها بأنوفهم، ويصرفونها في طرق الحياة والعيش . فإذا كان هذا الشأن في معرفة أقرب الأشياء من الإنسان وألصقها به، فهل يطمع الإنسان أن يصل بعقله إلى معرفة حقيقة الله تعالى؟ وهل يطمع الإنسان الذي لا يعرف كيف يعرف ؟ ولا يدرك كيف يدرك ؟ ولا يعقل كيف يعقل ؟ أن يعقل حقيقة الله تعالى !!.

إن العلم لا يزال عاجزاً عن معرفة الطريقة التي يتم بها الإدراك، والوسيلة التي يتم بها الاتصال بين المادة والعقل، والكيفية التي يتلقى بها العقل الروحاني الإحساس بالشيء المادي فيدركه، فهل يطمع بعد ذلك أن يعرف كنه ذات الله تعالى ؟.

إن عدم اقتداركم – أيها الملاحدة - على تصور حقيقة الله لا يعني استحالة وجوده، ويكفي العقول أن تستدل على وجود الله بآثاره من نظام وإتقان وإحكام في هذا العالم، أما التطلع إلى إدراك حقيقة ذاته، فهذا ما لا سبيل للإنسان إليه، وفي هذا يقول أحد الفلاسفة الكبار، "روجر باكون " : " إنه لا يوجد عالم من علماء الطبيعة يستطيع أن يعرف كل شيء عن حقيقة ذبابة واحدة وخواصها، فضلا عن أن يعرف كنه ذات الله ".

الشبهة الثانية قولهم: إن عقولنا لا يمكن أن تتصور حصول شيء من لا شيء، أي استحالة خلق المادة من العدم، فكيف يخلق الإله من العدم ؟ وجوابنا عن هذه الشبهة من وجهين:

الوجه الأول: أن قولهم لا يمكننا أن نتصور حصول شيء من لا شيء، مبني على قولهم بقدم المادة وأزليتها، وهذا عين المحال، إذ كيف للمادة الصماء أن توجد نفسها !! وإذا كنتم ادعيتم عجز العقول عن تصور خلق شيء من لا شيء، فإن العقول أعجز عن تصور قدم المادة وأزليتها، ذلك أن المادة لا يعقل أن تخلو من صورة تقوم بها، والعقل السليم يقطع بأن كل صورة تقوم في المادة هي حادثة لأنها تزول وتتغير، ولا يخفى أن كل ما يطرأ عليه العدم يستحيل عليه القدم .

الوجه الثاني: أن عجز العقول عن تصور حصول شيء من لا شيء، لا يعني امتناعه في نفسه، فقد تعجز العقول عن تصور أمور كثيرة وهي ثابتة، كعجزها عن تصور حقيقة المادة رغم أنها ملامسة مشاهدة، فإذا كان هذا الشأن في معرفة أقرب الأشياء من الإنسان وألصقها به، فهل يطمع الإنسان أن يخضع بعقله أفعال الله سبحانه لقوانين البشر وقدراتهم .!!

إن منشأ هذه الشبهة – إنكار الخلق من العدم - هو قياس التمثيل، فعندما رأوا أن المخلوق لا يمكن أن يصنع شيئا إلا من شيء آخر، نفوا أن يكون شيء مصنوعا من لا شيء، وإبطال هذا القياس بإيضاح الفرق بين الخالق والمخلوق، فالمخلوق لا يمكنه أن يصنع شيئا من لا شيء، أما الخالق فقدرته ليس لها حدود، فهو على كل شيء قدير، { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } ( يس : 82 ) .

الشبهة الثالثة : قولهم لو كان نظام الكائنات مخلوقا من إله حكيم، لكان موضوعا بقصد وحكمة، ولكانت علامات القصد والحكمة تامة في كل شيء، إلا أننا نرى في العالم أشياء لا تنطبق على القصد والحكمة.

والجواب على هذه الشبهة: أن جهلنا بحكمة مخلوق أو نظام ما في هذا الكون، ليس مبررا على الإطلاق أن ننكر خالقه سبحانه، ذلك أننا نشاهد من أسرار الله في مصنوعاته الحكم الباهرة ولم تزل تظهر لنا يوما بعد يوم حكمة بعد أخرى، مما كان خافيا علينا دهورا طويلة، فليس عدم إدراكنا للحكمة يعني انتفاءها وعدم وجودها، فقد تظهر لنا في يوم من الأيام ، كما ظهر سواها .

وإذا تأملتم – أيها الملاحدة - قصور العقل البشري وعجزه عن إدراك كثير من الأمور المادية المشاهدة لنا، وقارنتم بين هذا العجز وبين قدرة الله العظمى وحكمته، لم تستغربوا اختفاء حكمة بعض الأشياء عن عقولنا، ورأيتم أن من الأولى قياس القليل النادر، مما لم تظهر حكمته، على الكثير المستفيض الذي لا يعد ولا يحصى من شواهد حكم الله الظاهرة في مخلوقاته، لا أن تتخذوا من هذا القليل النادر الذي خفيت حكمته دليلا على إنكار وجود الله الخالق.

الشبهة الرابعة ، قولهم: إذا كان لكل موجود موجد، ولكل مخلوق خالق فمن خلق الله ؟ والجواب على هذه الشبهة من وجهين:

الوجه الأول: أن إيراد هذا السؤال خطأ بين، ذلك أن قدرة الله جل جلاله تتعلق بالممكنات لا المستحيلات، وأن يخلق الله إلها من المستحيلات بلا شك، فلا تتعلق به القدرة، ذلك أن هذا الإله الذي سيخلقه الله سبحانه سيكون مخلوقا، وإذا كان مخلوقا فبالضرورة لن يكون خالقا وبالتالي لا يصلح أن يكون إلها.

الوجه الثاني: أننا لو تنزلنا وقلنا بصحة السؤال، لأفضى ذلك إلى التسلسل، وهو محال عقلا، بيانه أننا إذا أجبنا على سؤال من خلق الله ؟ بالقول: إنه خالق آخر، فسوف يرد نفس السؤال على الخالق الآخر، فيقال من خلق الخالق الآخر، وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية، وفي المحصلة سنكون قد ارتكبنا محالين عقليين: الأول نفي الخالق، والثاني: القول بتسلسل علل لا نهاية لها.


الإيمان والعلم والفلسفة :

كثيرا ما يستند الملاحدة في إنكارهم للخالق إلى الفلسفة والمنطق، ويحاولون أن يظهروا بمظهر الباحثين والمفكرين، ولكنهم في حقيقة الأمر من أجهل المخلوقات على الإطلاق، ذلك أن الدين والعلم والفلسفة كلها قد اتفقت على الإيمان بالله سبحانه، وأنه موجد الكون ومدبره، ولكن كما قال بعض الفلاسفة: القليل من الفلسفة يبعد عن الله، لكن الكثير منها يرد إلى الله، وقد اخترنا في خاتمة هذا المقال بعض مقولات لعظماء من الفلاسفة الذين نصوا على وجود الله سبحانه، والإيمان به:

يقول "أفلاطون": " إن العالم آية في الجمال والنظام، ولا يمكن أن يكون هذا نتيجة علل اتفاقية، بل هو صنع عاقل، توخى الخير، ورتب كل شيء عن قصد وحكمة "

ويقول "ديكارت": "إنِّي مع شعوري بنقصٍ في ذاتي، أُحسُّ في الوقت نفسه بوجود ذاتٍ كاملة، وأراني مضطرًّا إلى اعتقادي؛ لأنَّ الشعور قد غَرَسَتْه في ذاتي تلك الذات الكاملة المتحليَّة بجميع صفات الكمال؛ وهي الله".

ويقول "أناكساغورس" أحد فلاسفة اليونان الأوائل: " من المستحيل على قوة عمياء، أن تبدع هذا الجمال، وهذا النظام اللذين يتجليان في هذا العالم، لأن القوة العمياء لا تنتج إلا الفوضى، فالذي يحرك المادة هو عقل رشيد، بصير حكيم "

ويقول ديكارت أيضاً: " أنا موجود فمن أوجدني ومن خلقني؟ إنني لم أخلق نفسي، فلا بد لي من خالق. وهذا الخالق لا بد أن يكون واجب الوجود، وغير مفتقر إلى من يوجده، أو يحفظ له وجوده، ولا بد أن يكون متصفا بكل صفات الجمال. وهذا الخالق هو الله بارئ كل شيء "

ويقول باسكال: " إن إدراكنا لوجود الله، هو من الإدراكات الأولية، التي لا تحتاج إلى جدل البراهين العقلية، فإنه كان يمكن أن لا أكون، لو كانت أمي ماتت قبل أن أولد حيا، فلست إذا كائنا واجب الوجود، ولست دائما ولا نهائيا، فلا بد من كائن واجب الوجود، دائم لا نهائي، يعتمد عليه وجودي، وهو الله الذي ندرك وجوده إدراكا أوليا، بدون أن نتورط في جدل البراهين العقلية، ولكن على الذين لم يقدر لهم هذا الإيمان القلبي أن يسعوا للوصول إليه بعقولهم.."

وبهذه الثلة من أقوال هؤلاء الفلاسفة وبما سبق من أدلة عقلية جلية، يتبين أن الإيمان بوجود الخالق قضية ضرورية بديهية، مركوزة في النفس والعقل، لا يخالطها ريب ولا شك، ولا تحتاج لبرهان إلا لمن فسدت فطرته، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ملحد يظن نفسه ذكيا..ويتحدى الشيخ أحمد ديدات بعد وفاته


الصلاة والسلام على رسول الله..وبعد..

رأى أحد الملحدين أنه في أحد مناظرات الشيخ أحمد أحرج أحد الجمهور القس بأن طلب منه شرب مبيد حشري بعد أن تلا عليه من الإنجيل إصحاح مفاده أن "الرب" يحمي المؤمنين منهم حتى لو تناولوا السموم..فأحرج القس وتوتر وتعرق..حتى بدا منظره مضحكا...إلخ.
فوصف هذا الملحد ذلك الموقف بأنه طريف ومضحك..ولكنه تساءل:أليس عند المسلمين حديث مشابه وهو قول "محمد":((من تصبح سبع تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر))؟وقال الملحد: فماذا كان سيحل بأحمد ديدات لو طلب منه شرب نفس السم إذا تصبح تلك التمرات السبع؟؟؟

لكن هذا الملحد يظن نفسه ذكيا وهو ليس كذلك..إذ أنه يجهل الفرق بين الشرع الإسلامي الشامل و الشرع النصراني الفاشل..إليك الرد عليه:

1- ألا يعلم ذالك الملحد أن -رسول الله صلى الله عليه وسلم- حرم أشد التحريم شرب السم وهدد شاربه عمدا بالخلد في النار،إذ قال عليه السلام:((من تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)). فالسم لا يتعمد المسلم تناوله وإنما يكون تناوله عن طريق الخطأ.

2-ومن الناحية العلمية:
فيما يتعلق بالشق الأول وهو السم : تم على السم تجارب علمية، فوجد أنه عندما يتعرض جسم الإنسان للتسمم هناك أنزيم ينتج داخل الكبد يعمل كمضاد لهذه السموم فعندما يدخل السم إلى الجسم هذا الإنزيم يرتفع، ولذلك عندما يتم فحص نسبة هذا الأنزيم في الجسم نجده مرتفع وعندما تتناول سبع تمرات عجوة لمدة شهر يومياً نجد أن هذا الإنزيم بدأ يهبط ويدخل في الوضع الطبيعي، ومن الغريب أنه لو تتبعنا الحالة لمدة سنة بعد هذا نجد الإنزيم لا يرتفع يعني أصبح هنالك وقاية و شفاء ولذلك لما أكل رسول -الله صلى الله عليه وسلم من شاة خيبر التي كان كتفها مسمومة ، و الله سبحانه أنطق الكتف لتخبر النبي أنها مسمومة، كان النبي متصبح بسبع تمرات عجوة فلم يصبه في هذا الوقت سم ، وإنما السم وجه تحت الجلد يعني دخل في الدهون تحت الجلد، ولذلك احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عند مكان تخزين هذا الدهن تحت الجلد ، كذلك فالعجوة تقي من السم العالي، وهنالك جمعية علمية في بريطانية تدعى (التليباثي) الاستجلاء البصري أو الاستجلاء السمعي أو التي يسمونها التخاطر عن بعد، بحثت في هذا الحديث بحث مستفيض، وبجانب الدراسات التي تمت في جامعة الملك عبد العزيز وكانت نتائج الدراسات أنه لا تعارض بين هذا الحديث و بين نتائج التجارب .

فمن خلال تجاربها على البشر وجد أن الناس الذين يتعرضون للتسمم يعني مثلاً الناس الذين يتعاملون مع مادة الرصاص لصناعة البطاريات يعانون من مشكلة الكادميام و التي هي عبارة عن إحدى العناصر الثقيلة التي تسممها يؤدي إلى الفشل الكلوي، ويؤدي إلى مشاكل كبيرة جداً ، لو تناولوا سبع تمرات عجوة ستكون detoxication أو مضادات السموم في الكبد سليمة، و هنالك حوالي 120 بحث منشورين حول ذلك، ومنهم الرجل اليهودي الذي اسمه (جولدمان) نشر بحث عن سبع تمرات عجوة، فبسبع تمرات عجوة تجعل المعادن الثقيلة تدخل الجسم وتتكون لها مركبات تحت الجلد، بالإضافة إن جزء يذيبه الجسم ويطرحه عبر البراز، وجزء يذيبه وينزله في البول هذه عملية تسمى detoxication التي تتم أو عملية مضادات السموم التي تتم من تمر العجوة، ولذلك رسول -الله صلى الله عليه وسلم- يقول ، فيما رواه الترمذي في سنن الترمذي الحديث: "العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم" ، "إن العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم".

أما فيما يتعلق بالسحر:

فقد قام أصحاب ظاهرة التليباثي أو الاستجلاء البصري أو الاستجلاء السمعي و الذين هم علماء بريطانيين و أبحاثهم منشورة منها المجلة الدورية التي اسمها "تليباثي" ، فقاموا بفحص خط الطيف الذي ينتج عن هضم تمر العجوة فوجدوا أنه يُعطي خط طيفٍ لونه أزرق قالوا إن اللون الأزرق يستمر لمدة 12 ساعة وقالوا إن العين هي التي تُسحر ، فالسحر ليس هو تغيرٌ في طبيعة الأشياء إنما هو تخيل وسحر للعين، لذلك قال تعالى في القرآن الكريم (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوَهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) وقالوا على سيدنا موسى: (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ...).

فوجدوا أن العين هي التي تُسحر والقدرة السحرية تؤثر في كل الألوان ماعدا اللون الأزرق، فالتصبح بسبع تمرات كل يوم ينتج عنها خط طيف لونه أزرق يقي الإنسان من الحسد، ويقيه من السحر.

ردود على الملحدين

العلم في مواجهة الالحاد 3

العلم في مواجة الالحاد 2

العلم الحديث في مواجهة الالحاد

العوضي بين يدي نظرية الفوضى

رد العوضي على الملحد

العوضي وموضة الالحاد

محمد العوضي حوار مع ملحد كويتي

مناظرة بين دكتور ملحد و طالب مسلم

مناظرة رائعة مثيرة للإهتمام

"دعوني أشرح لكم مشكلة العلم مع الله".

كان ذلك عنوان لمحاضرة بروفيسور علم الفلسفة (الملحد) في جامعة أوكسفورد وقف أمام فصله وطلب من أحد طلبته المستجدين أن يقف..........................


البروفيسور : "أنت مسلم، أليس كذلك، يا بني؟".

الطالب المسلم : "نعم، يا سيدي".

البروفيسور: "لذا أنت تؤمن بالله؟".

الطالب المسلم : "تماماً".

البروفيسور : "هل الله خيّر؟". (من الخير و هو عكس الشر)

الطالب المسلم : "بالتأكيد! الله خيّر ".

البروفيسور: "هل الله واسع القدرة ؟ هل يمكن لله أن يعمل أي شيء ؟".

الطالب المسلم : "نعم".

البروفيسور: "هل أنت خيّر (رجل خير) أم شرير؟".

الطالب المسلم : "القرآن يقول بأنني شرير".

يبتسم البروفيسور ابتسامة ذات مغزى.

البروفيسور: "أهـ! الـقــرآن".

أخذ يفكر للحظات.

البروفيسور: "هذا سؤال لك. دعنا نقول أنّ هناك شخص مريض هنا و يمكنك أن تعالجه.

و أنت في استطاعتك أن تفعل ذلك. هل تساعده؟ هل تحاول؟".

الطالب المسلم : "نعم سيدي، سوف أفعل".

البروفيسور : "إذا أنت خيّر..!".

الطالب المسلم : "لا يمكنني قول ذلك".

البروفيسور : "لماذا لا يمكنك أن تقول ذلك؟ أنت سوف تساعد شخص مريض ومعاق عندما تستطيع... في الحقيقة معظمنا سيفعل إذا استطعنا... لكن الله لا يفعل ذلك".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

البروفيسور : "كيف يمكن لهذا الإله أن يكون خيّر؟ هممم..؟ هل يمكن أن تجيب على ذلك ؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

الرجل العجوز بدأ يتعاطف.

البروفيسور : "لا, لا تستطيع, أليس كذلك؟".

يأخذ رشفه ماء من كوب على مكتبه لإعطاء الطالب وقتاً للاسترخاء.

في علم الفلسفة, يجب عليك أن تتأنى مع المستجدين.

البروفيسور : "دعنا نبدأ من جديد, أيها الشاب".

البروفيسور : "هل الله خيّر؟".

الطالب المسلم : "يتمتم... نعم".

البروفيسور : "هل الشيّطان خيّر؟".

الطالب المسلم : "لا ".

البروفيسور : "من أين أتى الشيّطان؟" الطالب يتلعثم.

الطالب المسلم : "من... الله..".

البروفيسور: "هذا صحيح. الله خلق الشيّطان, أليس كذلك؟".

يمرر الرجل العجوز أصابعه النحيلة خلال شعره الخفيف ويستدير لجمهور الطلبة متكلفي الابتسامة.

البروفيسور : "أعتقد أننا سنحصل على الكثير من المتعة في هذا الفصل

الدراسي: سيداتي و سادتي".

ثم يلتفت للطالب المسلم.

البروفيسور : "أخبرني يا بني, هل هناك شّر في هذا العالم؟".

الطالب المسلم : "نعم, سيدي".

البروفيسور "الشّر في كل مكان, أليس كذلك؟ هل خلق الله كل شيء ؟".

الطالب المسلم : "نعم ".

البروفيسور: "من خلق الشّر؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

البروفيسور: "هل هناك أمراض في هذا العالم؟ فسق و فجور؟ بغضاء؟ قبح؟

كل الأشياء الفظيعة - هل تتواجد في هذا العالم؟".

يتلوى الطالب المسلم على أقدامه : "نعم".

البروفيسور: "من خلق هذه الأشياء الفظيعة؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

يصيح الأستاذ فجأةً في طالبه.

البروفيسور: "من الذي خلقها ؟ أخبرني".

بدأ يتغير وجه التلميذ المسلم.

البروفيسور بصوت منخفض: "الله خلق كل الشرور, أليس كذلك يا بني؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

الطالب يحاول أن يتمسك بالنظرة الثابتة و الخبيرة و لكنه يفشل.

فجأة المحاضر يبتعد متهاديا إلى واجهة الفصل كالفهد المسن. سُحِـر

الفصل.

البروفيسور : "أخبرني" استأنف البروفيسور, "كيف يمكن لأن يكون هذا

الإله خيّراً إذا كان هو الذي خلق كل الشرور في جميع الأزمان؟".

البروفيسور يشيح بأذرعه حوله للدلالة على شمولية شرور العالم.

البروفيسور : "كل الكره, الوحشية, كل الآلام, كل التعذيب, كل الموت و القبح و كل المعاناة خلقها هذا الإله موجودة في جميع أنحاء العالم,

أليس كذلك, أيها الشاب؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

البروفيسور : "ألا تراها في كلّ مكان؟ هاه؟".

البروفيسور يتوقّف لبرهة : "هل تراها؟".

البروفيسور يحني رأسه في اتجاه وجه الطالب ثانيةً و يهمس.

البروفيسور: "هل الله خيّر؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

البروفيسور: "هل تؤمن بالله, يا بني؟".

صوت الطالب يخونه و يتحشرج.

الطالب المسلم : "نعم, يا بروفيسور. أنا أؤمن".

يهز الرجل العجوز رأسه بحزن نافياً.

البروفيسور : "يقول العلم أن لديك خمس حواسّ تستعملها لتتعرف و تلاحظ

العالم من حولك, أليس كذلك؟".

ربما يوجد فقرة هنا ناقصة, قد يكون البروفيسور سأل الطالب هل رأيت

الله, لأن جواب

الطالب المسلم كان "لا يا سيدي لم أره أبداً".

البروفيسور: "إذا أخبرنا إذا ما كنت قد سمعت إلهك؟".

الطالب المسلم : "لا يا سيدي, لم يحدث".

البروفيسور: "هل سبق و شعرت بإلهك, تذوقت إلهك أو شممت إلهك...

فعلياً, هل لديك أيّ إدراك حسّي لإلهك من أي نوع ؟".

الطالب المسلم : (لا إجابة).

البروفيسور : "أجبني من فضلك".

الطالب المسلم : "لا يا سيدي, يؤسفني انه لا يوجد لدي".

البروفيسور: "يؤسفك أنه لا يوجد لديك؟".

الطالب المسلم : "لا يا سيدي".

البروفيسور: "و لا زلت تؤمن به؟".

الطالب المسلم : "...نعم...".

البروفيسور : "هذا يحتاج لإخلاص!" البروفيسور يبتسم بحكمة لتلميذه.

"طبقاً لقانون التجريب, الاختبار و بروتوكول علم ما يمكن إثباته يقول

بأن إلهك غير موجود. ماذا تقول في ذلك, يا بني؟".

البروفيسور : "أين إلهك الآن؟".

الطالب المسلم لا يجيب.

البروفيسور : "اجلس من فضلك".

يجلس المسلم ... مهزوماً.

مسلم أخر يرفع يده "بروفيسور, هل يمكنني أن أتحدث للفصل؟".

البروفيسور يستدير و يبتسم.

البروفيسور: "أهـ, مسلم أخر في الطليعة! هيا, هيا أيها الشاب. تحدث

ببعض الحكمة المناسبة إلى هذا الاجتماع".

يلقي المسلم نظرة حول الغرفة "لقد أثرت بعض النقاط الممتعة يا سيدي. و الآن لدي سؤال لك". الطالب المسلم : "هل هناك شيء كالحرارة؟".

"نعم" البروفيسور يجيب : "هناك حرارة".

الطالب المسلم: "هل هناك شيء كالبرودة؟".

البروفيسور : "نعم, يا بني يوجد برودة أيضاً".

الطالب المسلم : "لا يا سيدي لا يوجد".

ابتسامة البروفيسور تجمدت. فجأة الغرفة أصبحت باردة جدا

المسلم الثاني يكمل : "يمكنك الحصول على الكثير من الحرارة وحتى حرارة أكثر, حرارة عظيمة, حرارة ضخمة, حرارة درجة الانصهار, حرارة بسيطة أو لا حرارة و لكن ليس لدينا شيء يدعى 'البرودة' يمكن أن نصل حتى 458 درجة تحت الصفر, و هي ليست ساخنة, لكننا لن نستطيع تخطي ذلك. لا يوجد شيء كالبرودة, و إلا لتمكنا من أن نصل لأبرد من 458 تحت الصفر، يا سيدي, البرودة هي فقط كلمة نستعملها لوصف حالة غياب الحرارة. نحن لا نستطيع قياس البرودة. أما الحرارة يمكننا قياسها بالوحدات الحرارية لأن الحرارة هي الطاقة. البرودة ليست عكس الحرارة يا سيدي, إن البرودة هي فقط حالة غياب الحرارة".

سكوت. دبوس يسقط في مكان ما من الفصل.

الطالب المسلم : "هل يوجد شيء كالظلام, يا بروفيسور؟".

البروفيسور: "نعم...".

الطالب المسلم : "أنت مخطئ مرة أخرى، يا سيدي. الظلام ليس شيئا

محسوساً, إنها حالة غياب شيء أخر. يمكنك الحصول على ضوء منخفض, ضوء

عادي, الضوء المضيء, بريق الضوء ولكن إذا لا يوجد لديك ضوء مستمر فإنه

لا يوجد لديك شيء وهذا يدعى الظلام, أليس كذلك؟ هذا هو المعنىالذي

نستعمله لتعريف الكلمة. في الواقع , الظلام غير ذلك, و لو أنه صحيح

لكان بإمكانك أن تجعل الظلام مظلما أكثر و أن تعطيني برطمان منه. هل تستطيع أن تعطيني برطمان من ظلام مظلم يابروفيسور؟".

مستحقراً نفسه, البروفيسور يبتسم للوقاحة الشابة أمامه.

هذا بالفعل سيكون فصلا دراسيا جيداً.

البروفيسور : "هل تمانع إخبارنا ما هي نقطتك, يا فتى؟".

الطالب المسلم : "نعم يا بروفيسور. نقطتي هي, إن افتراضك الفلسفي فاسد كبدايةً ولذلك يجب أن يكون استنتاجك خاطئ".

تسمّم البروفيسور.

البروفيسور : "فاسد...؟ كيف تتجرأ...!".

الطالب المسلم : "سيدي, هل لي أن أشرح ماذا أقصد؟".

الفصل كله أذان صاغية.

البروفيسور : "تشرح... أهـ, أشرح" البروفيسور يبذل مجهودا جدير

بالإعجاب لكي يستمر تحكمه (طبعا لو أن المدرس عربيا لطرده من القاعة وربما من الجامعة).

فجأة بتلطفه هو, يلوّح بيده للإسكات الفصل كي يستمر الطالب.

الطالب المسلم : "أنت تعمل على افتراض المنطقية الثنائية".

المسلم يشرح : "ذلك على سبيل المثال أن هناك حياة و من ثم هناك ممات؛

إله خيّر وإله سيئ. أنت ترى أن مفهوم الله شيء ما محدود و محسوس, شيء يمكننا قياسه.

سيدي, العلم لا يمكنه حتى شرح فكرة. إنه يستعمل الكهرباء و

المغناطيسية ولكنها لم تُـر أبداً, ناهيك عن فهمهم التام لها. لرؤية

الموت كحالة معاكسة للحياة هو جهل بحقيقة أن الموت لا يمكن أن يتواجد كشيء محسوس. الموت ليس العكس من الحياة, هو غيابه فحسب".

الفتى يرفع عاليا صحيفة أخذها من طاولة جاره الذي كان يقرأها.

الطالب المسلم : "هذه أحد أكثر صحف الفضائح تقززا التي تستضيفهاهذه البلاد, يا بروفيسور.

هل هناك شيء كالفسق والفجور؟".

البروفيسور: "بالطبع يوجد, أنظر..." قاطعه الطالب المسلم

الطالب المسلم : "خطأ مرة أخرى, يا سيدي. الفسق و الفجور هوغياب

للمبادئ الأخلاقية فحسب. هل هناك شيء كالظُـلّم؟ لا. الظلّم هو غياب

العدل. هل هناك شيء كالشرّ؟".

الطالب المسلم يتوقف لبرهة "أليس الشرّ هو غياب الخير؟".

اكتسى وجه البروفيسور باللون الأحمر. هو الآن غاضب جداً وغير قادر على التحدث .

الطالب المسلم يستمر "إذاً يوجد شرور في العالم, يا بروفيسور, و

جميعنا متفقون على أنه يوجد شرور, ثم أن الله, إذا كان موجوداً, فهو

أنجز عملا من خلال توكيله للشرور. ما هو العمل الذي أنجزه الله؟

القرآن يخبرنا أنه ليرى إذا ما كان كل فرد منا وبكامل حريتنا الشخصية سوف نختار الخير أم الشرّ".

اُلّجم البروفيسور و قال : "كعالم فلسفي, لا أتصور هذه المسألة لها

دخل في اختياري؛ كواقعي, أنا بالتأكيد لا أتعرف على مفهوم الله أو أي

عامل لاهوتي آخر ككونه جزء من هذه المعادلة العالمية لأن الله غير

مرئي و لا يمكن مشاهدته".

الطالب المسلم : "كان يمكن أن أفكر أن غياب قانون الله الأخلاقي في

هذا العالم هو ربما أحد أكثر الظواهر ملاحظة".

الطالب المسلم : "الجرائد تجمع بلايين الدولارات من روايتها أسبوعيا!

أخبرني يا بروفيسور. هل تدرسّ تلاميذك أنهم تطوروا من قرد؟".

البروفيسور : "إذا كنت تقصد العملية الارتقائية الطبيعية يا فتى, فنعم

أنا أدرس ذلك".

الطالب المسلم :"هل سبق و أن رأيت هذا التطوّر بعينك الخاصة يا

سيدي؟".

يعمل البروفيسور صوت رشف بأسنانه و يحدق بتلميذه تحديقا صامتا

متحجراً.

الطالب المسلم :"بورفيسور, بما أنه لم يسبق لأحد أن رأى عملية التطوّر هذه فعلياً من قبل و لا يمكن حتى إثبات أن هذه العملية تتم بشكل مستمر, ألست تدرسّ آرائك يا سيدي؟ إذا فأنت لست بعالم و إنما قسيساً؟".

البروفيسور : "سوف أتغاضى عن وقاحتك في ضوء مناقشتنا الفلسفية. الآن, هل انتهيت؟" البروفيسور يصدر فحيحاً.

الطالب المسلم : "إذا أنت لا تقبل قانون الله الأخلاقي لعمل ما هو

صحيح و في محله؟".

البروفيسور : "أنا أؤمن بالموجود - و هذا هو العلم!".

الطالب المسلم : "أها! العلم!" وجه الطالب ينقسم بابتسامة.

الطالب المسلم : "سيدي, ذكرت بشكل صحيح أن العلم هو دراسة الظواهر المرئية , والعلم أيضاً فرضيات فاسدة".

البروفيسور :"العلم فاسد...؟" البروفيسور متضجراً.

الفصل بدأ يصدر ضجيجاً, توقف التلميذ المسلم إلى أن هدأ الضجيج.

الطالب المسلم: "لتكملة النقطة التي كنت أشرحها لباقي التلاميذ, هل

يمكن لي أن أعطي مثالا لما أعنيه؟".

البروفيسور بقي صامتا بحكمة. المسلم يلقي نظرة حول الفصل.

الطالب المسلم : "هل يوجد أحد من الموجدين بالفصل سبق له وأن رأى عقل البروفيسور؟".

اندلعت الضحكات بالفصل.

التلميذ المسلم أشار إلى أستاذه العجوز المتهاوي.

الطالب المسلم : "هل يوجد أحد هنا سبق له و أن سمع عقل البروفيسور,

أحس بعقل البروفيسور, لمس أو شمّ عقل البروفيسور؟".

يبدو أنه لا يوجد أحد قد فعل ذلك.

يهز التلميذ المسلم رأسه بحزن نافياً.

الطالب المسلم : "يبدو أنه لا يوجد أحد هنا سبق له أن أحسّ بعقل

البروفيسورإحساساً من أي نوع. حسناً, طبقاً لقانون التجريب, الاختبار

و بروتوكول علم ما يمكن إثباته, فإنني أعلن أن هذا البروفيسور لا عقل له"

الفصل تعمّه الفوضى.

التلميذ المسلم يجلس... انهار البروفيسور مهزوما ولم يتفوه بكلمة !!


الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

الجزية بين الاسلام والمسيحية


قبل الكلام عن الجزية في الإسلام لابد أن نوضح أمر هام جداً وهي أن أول كتاب وضع الجزية وفرضها على الناس هو الكتاب المقدس سواء بعهده القديم أو الجديد وسنضع الآن بعض هذه النصوص أمامنا لتتأكد من حقيقة كلامي هذا :
(فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر. فسكن الكنعانيون في وسط أفرايم إلى هذا اليوم, وكانوا عبيدا تحت الجزية .. ) سفر يشوع 16 / 10 .



بل إن داود النبي في إعتقاد النصارى قد أخذ الجزية وفرضها ففي سفر صموئيل الثاني 8 / 1-2 يقول :
(وبعد ذلك تغلب داود على الفلسطيين وأذلهم، وأخذ السلطة من أيديهم , تغلب على الموآبيين ومدد أسراهم على الأرض وقاسهم بالحبل. فقتل منهم ثلثين وأبقى على الثلث، وصار الموآبيون عبيدا له يؤدون الجزية.  ) الترجمة العربية المشتركة.
وهذا الذي يمدحه الرب فيقول :
(لان داود عمل ما هو مستقيم في عينيالرب ولميحد عن شيءمما اوصاه به كل ايام حياتهالا في قضية اوريا الحثّي .. ) سفر الملوك الأول 15/ 5
ويتكلم محررو دائرة المعارف الكتاب عن الجزية في عهد داود فيقولون[1] :
(وفي عصر داود، امتلات الخزانة العامة نتيجة لسلسلة انتصاراته المستمرة في الحروب ( 2 صم 8 : 2 و 7 و 8 ) ولم تعد هناك شكوى من زيادة الجزية على الشعب. واذا كان الغرض من التعداد الذي اجراه داود، متعلقا بالجزية، لفهمنا سر ضربة الرب للشعب، وان كان الامر يحوطه الغموض ( 2 صم 24 : 2 ــ 4 ). وقد اعتاد داود ان يقدس
الغنائم للرب، فامتلات خزانة الهيكل ( 2 صم 8 : 11 و 12 ).

وأيضاً يوضح لنا
الكتاب المقدس أن نفتالي لم يطرد سكان بيت شمس وفرض الجزية عليهم ففي سفر القضاة 1 / 28 ويقول :
(ونفتالي لم يطرد سكان بيت شمس ولا سكان بيت عناة, بل سكن في وسط الكنعانيين سكان الأرض. فكان سكان بيت شمس وبيت عناة تحت الجزية لهم. )

بل الأمر أكثر من ذلك بل إن إله المسيحية قد أمر موسي أن يستعبد الشعوب ففي سفر التثنية 20 / 10 فيقول :
(وإذا اقتربتم من مدينة لتحاربوها فاعرضوا عليها السلم أولا ، فإذا استسلمت وفتحت لكم أبوابها، فجميع سكانها يكونون لكم تحت الجزية ويخدمونكم , وإن لم تسالمكم، بل حاربتكم فحاصرتموها , فأسلمها الرب إلهكم إلى أيديكم، فاضربوا كل ذكر فيها بحد السيف , وأما النساء والأطفال والبهائم وجميع ما في المدينة من غنيمة، فاغنموها لأنفسكم وتمتعوا بغنيمة أعدائكم التي أعطاكم الرب إلهكم .. )

وهكذا كان
العهد القديم يأمر بالجزية وبأمر من الرب إله موسي وإله يسوع بل وقد أمر به العهد الجديد وأمر بإعطاءه فعندما سألوه عن دفع الجزية فقال :
(فلما جاءوا قالوا له: يا معلم، نعلم أنك صادق ولا تبالي بأحد، لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس، بل بالحق تعلم طريق الله. أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ نعطي أم لا نعطي؟  ...... فأجاب يسوع وقال لهم: أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله. فتعجبوا منه. ) مرقس 12/ 14 , 17 .
ويقول
العلامة أوريجانوس[2] : ( في هذا المبدأ الإلهي أنه يليق بنا أن نقدم للجسد (قيصر) جزيته أي ضرورياته، أما لله فنهبه نفوسنا مقدسة بالكامل.)

بل إن المسيح قد دفع الجزية للوثنيين ففي إنجيل متي 17 / 24 – 27 :
(ولما جاءوا إلى كفرناحوم تقدم الذين يأخذون الدرهمين إلى بطرس وقالوا: أما يوفي معلمكم الدرهمين؟ , قال: بلى. فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلا: ماذا تظن يا سمعان؟ ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو
الجزية ، أمن بنيهم أم من الأجانب؟ , قال له بطرس: من الأجانب. قال له يسوع: فإذا البنون أحرار , ولكن لئلا نعثرهم، اذهب إلى البحر وألق صنارة ، والسمكة التي تطلع أولا خذها ، ومتى فتحت فاها تجد إستارا ، فخذه وأعطهم عني وعنك..)

ويعلق القمص تادرس يعقوب على هذه القصة قائلاً [3]:
(خضع السيّد المسيح مع تلاميذه لإيفاء الجباية أو الجزية، ليؤكّد مبدأ هامًا في حياتنا الإيمانيّة: أن انتماءنا السماوي يهبنا طاعة وخضوعًا لملوك العالم أو الرؤساء، فنلتزم بتقديم واجباتنا الوطنيّة. فالمسيحي وهو يحمل
السيّد المسيح ملكًا سماويًا داخل قلبه، إنّما يحمل روح الوداعة والخضوع في حب للوطن وطاعة )

ويعلق
القديس كيرلس الكبير على هذه القصة قائلاً[4] :
(إذ صار الابن الوحيد كلمة الله مثلْنا، وحمل قياس الطبيعة البشريّة انحنى لنير العبوديّة، فدفع بإرادته لجامع الجزية اليهودي الدرهمين حسب ناموس موسى، لكن هذا لم يمنع سِمة المجد الذي فيه. وكأن خضوعنا لكل نظام بروح الرضا والفرح لا يعني إلا مشاركة للسيّد المسيح في خضوعه لننعم معه بمشاركته مجده الداخلي. )
وفي التفسير الحديث أيضاً ذُكر نفس هذا الكلام فقال[5] :
( فالمقصود هو معرفة أن يسوع دفع الضريبة على نحو ما . وقد تركنا النص لنستنتج أن يسوع دفع الجزية بأية طريقة . لكن القصة تقدم لنا صورة عن استعداد يسوع للإمتثال لتقاليد المجتمع الذي ينتمي إليه .. )

وهذا يسوع يعتبر أن الجزية هذه هي حق الحكام وحق الله ويعتبرها بحسب الناموس حق على كل مسيحي وغير مسيحي , فلماذا إذاً يعترض البعض من النصارى على موضوع الجزية وكأن الإسلام قد إبتدعها أو أتي بشيء جديد لم يوجد في كتابهم ؟
وهاهو بولس رسول المسيحية الأول والذي يعتبره البعض أعظم موسي يأمر المسيحيين بدفع الجزية فيقول في رسالة رومية 13 / 5-7 :
(لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل أيضا بسبب الضمير , فإنكم لأجل هذا توفون الجزية أيضا إذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه , فأعطوا الجميع حقوقهم: الجزية لمن له الجزية. الجباية لمن له الجباية. والخوف لمن له الخوف. والإكرام لمن له الإكرام..)

يعلق
القدّيس يوحنا الذهبي الفم ويقول [6]: ( أن الرسول قد حوّل ما يراه الكثيرون ثقلاً إلى راحة، فإن كان الشخص ملتزم بدفع الجزية إنما هذا لصالحه، لأن الحكام "هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه"، يسهرون مجاهدين من أجل سلام البلد من الأعداء ومن أجل مقاومة الأشرار كاللصوص والقتلة. فحياتهم مملوءة أتعابًا وسهر. بينما تدفع أنت الجزية لتعيش في سلام يُحرم منه الحكام أنفسهم. هذا ما دفع الرسول بولس أن يوصينا لا بالخضوع للحكام فحسب وإنما بالصلاة من أجلهم لكي نقضي حياة هادئة مطمئنة )

ويعلق القمص تادرس يعقوب ملطي على هذا النص قائلاً [7]:
(هذا وإن كلمة "أعطوا" هنا في الأصل اليوناني تعني "ردّوا"، فما نقدمه من جزية أو تكريم للحكام ليس هبة منّا، وإنما هو إيفاء لدين علينا، هم يسهرون ويجاهدون ليستريح الكل في طمأنينة ... هذا والجزية هنا يقصد بها ما يأخذه الحاكم على النفوس والعقارات، أمّا الجباية فيأخذها على التجارة)

ويعلق محررو دائرة المعارف الكتاب عن الجزية فيقولون[8] :
(وقد خصصت هذه الجزية في العصور اللاحقة لخدمة الهيكل، وكان اليهود يدفعونها وهم بعيدون عن الهيكل في ايام الشتات. ويحدثنا يوسيفوس في تاريخه عن المبالغ الضخمة التي دخلت خزانة الهيكل من هذا المصدر، وقد استمر تحصيلها حتى زمن الرب يسوع المسيح ( مت 17 : 24 ). ومما هو جدير بالملاحظة ان الرب يسوع دفع هذه الجزية باجراء معجزة من اعظم المعجزات، فكان باعتباره مؤسس ورئيس الهيكل الجديد، غير خاضع للجزية، الا انه لئلا يعثرهم دفع الدرهمين. )

وقد قام مجموعة من كهنة وخدام كنيسة مار مرقس الأرثوذكسية بتفسير هذا النص فقالوا [9]:
( إن كان المسيحي يخضع للرئاسات في كل شيء بما لا يتعارض مع وصايا الله فبديهي أن هذا يعني الخضوع في الأمور البسيطة مثل دفع الجزية أي الضرائب لأنها تؤدي خدمات عامة للمجتمع ..)

كل لابد أن يأخذ حقه , ويجب أن نقدم الإحترام لكل ذي مركز بتقدير ومخافة وليس عن رياء أو وصولية , فنخاف من الشر ولا نفعله خوفاً من عقوبته , وكذلك نكرم ذوي المراكز في الدولة بالإكرام المعتاد لهذه الرتب , فنؤكد موافقتنا وخضوعنا لنظام المجتمع المفيد في ضبط كل شيء ...)
وأحب أيضاً أن أخذ رأي علماء
المسيحية في الجزية فيقول محرروا دائرة المعارف الكتابية :
(ولما كانت الثروات في القديم ملكا مشتركا بين العشيرة او القبيلة كلها، فلم تكن ثمة ضرورة لفرض الضرائب عليها. ولكن ظهور الملكية الفردية، استلزم فرض الضريبة ـ او الجزية ـ على بعض الممتلكات من اجل الصالح العام، الامر الذي يمثل اساس نظام فرض الضرائب او الجزية. . . وبتقدم المدنية وما صاحبها من استقرار وزراعة منتظمة ونظم سياسية مستقرة ممثلة فى الحاكم، تطلب ذلك بالقطع فرض الضرائب المنتظمة. ونجد عبر التاريخ انه كلما زاد تعقد الادارة الحكومية، ازداد معها عبء الضرائب المفروضة على الشعب. وفي الحقيقة ارتبط تاريخ فرض الضرائب بتاريخ المدنية. )

هذه هي الجزية من منظور مسيحي وهكذا اعتبر
يسوع وبولس والمسيحية أن الجزية ليست فرضاً على أهلها فقط بل هي حق الحاكم , والسؤال الذي يسأله الجميع ما الفرق بين الجزية في المسيحية وبين الإسلام العظيم وأكون سعيداً أن أبشركم بأن الإسلام قد حدد من يدفع الجزية فالأطفال لا يدفعون الجزية وليس هذا فقط بل إن النساء لا يدفعون الجزية وليس الأمر كذلك وأيضاً الشيوخ لا يدفعون الجزية إذاً فالذي يدفع الجزية في الإسلام هو المحارب فقط أو المقاتل وهو المعتدي ..
قال الإمام القرطبي [10] ( قال علماؤنا رحمة الله عليهم : والذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من الرجال المقاتلين , لأنه تعالى قال : " قاتلوا الذين " إلى قوله : " حتى يعطوا الجزية " فيقتضي ذلك وجوبها على من يقاتل . ويدل على أنه ليس على العبد وإن كان مقاتلا , لأنه لا مال له , ولأنه تعالى قال : " حتى يعطوا " . ولا يقال لمن لا يملك حتى يعطي . وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين , وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني .) :

وليس هذا فقط بل إن هذه الجزية ستكون مقابل أن المسلم يحمي هذه البلاد فالأمر ما هو إلا مصلحة عامة كما في كل الأديان , بل إن أبي عبيدة عامر بن الجراح قد أرجع أموال الجزية لأهل الشام لأن الجيش المسلم في هذه المعركة لم يقدر على حماية الذميين فأرجع لهم أموالهم لأن هذا كان عهداً بين المسلمين والذميين .
فيقول احمد محمد جمال أستاذالتفسير في جامعة أم القرى [11]:
(أن الجزية تؤخذ في مقابل حماية الدولة الإسلامية لأموال هؤلاء الذميين وأنفسهم ولا أدل على ذلك من رد أبي عبيدة عامر بن الجراح لأهل الشام جزيتهم وخراجهم عندما بلغه أن الروم قد جمعوا للمسلمين ، فهو وجنده لا يستطيعون حماية هؤلاء الذميين . لأنهم سيتفرغون لقتال الروم . وجاء في كتابه لهم : (( إنما رددنا لكم أموالكم لأنه قد بلغنا ما جمع الروم لنا من الجموع ، و إنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم  ، وإنا لا نقدر على ذلك ، وقد رددنا لكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بيننا إن نصرنا الله )

وتقول الأستاذة فوقية إبراهيم الشربيني في هذه الآية الكريمة سورة التوبة 29:
( ولأنهم سينعمون بالأمن الذي يوفره الجنود المؤمنون لهم فعليهم أن يدفعوا ثمن هذا الأمن جزية لمن ترك الدنيا وقصر عمره على الدفاع مقاتلاً عن دين الله وأمن المؤمنين .. )[12]
فالجزية هي عقد يُبرم بين المسلمين وغير المسلمين ( القادرين فقط ) ولم يُلزم الإسلام الفقير على دفع الجزية بل إن
عمر بن الخطاب قد أعطى رجل عجوز فقير غير مسلم من بيت مال المسلمين ..
بل إن الإسلام قد فرض الجزية على القادر فقط وكانت جزية قليلة جداً بالنسبة لما يدفعه المسلمون من زكاة وكانت هذه الجزية لخدمة الصالح العام مثلها مثل الضرائب التي يدفعها الناس الآن .
والانبا يؤانس يوضح لنا أيضاً أن الجزية كانت دينارين فقط وأن ثلاثة أرباع المسيحيين كانوا معفيين منها وهذا هو رابط التسجيل [13] .

ولكن أيضاً كما قلنا فالأمر مختلف قليلاً في
المسيحية التي فرضت الجزية على القادر وغير القادر حتى اشتكي الناس من كثرتها فجماعة اسرائيل طلبوا من رحبعام ابنه أن يخفف من النير الثقيل الذي جعله سليمان عليهم ففي سفر الملوك الأول 12/3-4 و9و10 :
(وأرسلوا فدعوه. أتى يربعام وكل جماعة إسرائيل وقالوا لرحبعام: إن أباك قسى نيرنا وأما أنت فخفف الآن من عبودية أبيك القاسية ومن نيره الثقيل الذي جعله علينا فنخدمك.... وقال لهم: بماذا تشيرون أنتم فنرد جوابا على هذا الشعب الذين قالوا لي: خفف من النير الذي جعله علينا أبوك , فقال الأحداث الذين نشأوا معه: هكذا تقول لهذا الشعب الذين قالوا لك إن أباك ثقل نيرنا وأما أنت فخفف من نيرنا: إن خنصري أغلظ من وسط أبي. )
أما في الإسلام فلا يستعبدوهم ولا يذلوهم بل المعاملة الحسنة والرحمة , هذه هي الجزية في الإسلام وهذه هي الجزية في الكتاب المقدس وللعاقل الحُكم العادل ..
معاذ عليان
--------------------------------------
[1]دائرة المعارف الكتابية – نخبة من العلماء واللاهوتيين الجزء الثاني صفحة 540.
[2]من تفسيرات وتأملات الآباء الآولين- الإنجيل بحسب مرقس- للقمص تادرس يعقوب ملطي صفحة 213.
[3]من تفسير وتأملات الآباء الآولين- الإنجيل بحسب متي - للقمص تادرس يعقوب ملطي صفحة 384.
[4]من تفسير وتأملات الآباء الآولين- الإنجيل بحسب متي - للقمص تادرس يعقوب ملطي صفحة 385.
[5]التفسير الحديث للكتاب المقدس – إنجيل متي – صفحة 298 .
[6]من تفسير وتأملات الآباء الآولين- الرسالة إلى رومية - للقمص تادرس يعقوب ملطي صفحة 265.
[7]من تفسير وتأملات الآباء الآولين- الرسالة إلى رومية - للقمص تادرس يعقوب ملطي صفحة 266.
[8]دائرة المعارف الكتابية – نخبة من العلماء واللاهوتيين الجزء الثاني صفحة 540.
[9]الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد – شرح لكل آية – مجموعة من كهنة وخدام كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة – الجزء الثالث صفحة 361 , 392 .
[10] الجامع لأحكام القرآن (8/72).
[11] كتاب الخراج ، لأبي يوسف .. وأيضاً قرآن الكريم كتاب أحكمت آياته تأليف احمد محمد جمال - دار إحياء العلوم بيروت
[12]تيسير التفسير – الأستاذة فوقية إبراهيم الشربيني – المجلد الأول صفحة 674 .
[13]http://www.youtube.com/watch?v=ThhNGQaY0hY

الرد على شبهة الطلاق

شرع الله الطلاق علاجاً للخلافات الزوجية حين لا ينفع معها علاج سواه، وقد كان الغربيون منذ قرن مضى يعيبون على الاسلام شرع الطلاق ويعتبرونه دليلا على استهانة الاسلام بقدر المرأة، وبقدسية الزواج. ومع أن الاسلام لم يكن أول من شرع الطلاق أيضاً، وقد جاءت به الشريعة اليهودية، وعرفه العالم قديماً، فإن الاسلام قد جاء فيه بنظام يكفل لكل من الزوجين حقوقهما وكرامتهما كشأنه دائماً في كل ما قام به من اصلاح للأوضاع الاجتماعية، كما أنه لا يجعل من مبدأ الطلاق أداة للتلاعب بقدسية الزواج وعدم استقرار الحياة الزوجية، كما حصل للغربيين حين أباحوا الطلاق.



 إن الاسلام يفترض أولاً أن يكون عقد الزواج دائماً، وأن تستمر الزوجية قائمة بين الزوجين حين يفرق الموت بينهما، ولذلك لا يجوز في الاسلام تأقيت عقد الزواج بوقت معين، فإن نص فيه على وقت معين صح العقد ولغا التأقيت وكان مؤبداً. وما يجيزه الامامية في عقد المتعة – وهو زواج مؤقت – لم توافقهم عليهم جمهرة المذاهب الفقهية في الاسلام، بل انفردوا وحدهم بالقول بجوازه، حتى أن الشيعة الزيدية وهم من أهم فرق الشيعة يتفقون مع الجمهور في بطلان عقد المتعة وعدم جوازه (انظر كتابنا "شرح قانون الأحوال الشخصية" الجزء الأول الطبعة الخامسة). غير أن الاسلام وهو يحتم أن يكون عقد الزواج مؤبدا، لا يغمض عينيه عن طبائع الناس، وتجارب الأمم، وما يمكن أن يقوم بين الزوجين من خلاف منشؤه اختلاف الأمزجة والاخلاق، أو اختلاف المصالح في بقاء الزوج أو انحلاله، أو ما أشبه ذلك من دواعي الخلاف بين الزوجين، كما أنه لم يغفل أيضاً إمكان المصالحة بينهما قبل ايقاع الفرقة بينهما، ولذلك جاء بتشريع محكم لا يتطرق اليه الخلل لو نفذ بنصه وروحه، وتقيد الناس بأحكامه وتعاليمه.

مبادئ عامة في الطلاق

سلك الاسلام في معالجة الخلاف العائلي بين الزوجين الطرق التالية:
1- دعا الزوجين الى أن يشعر بمسؤوليته نحو الآخر ونحو أولادهما أمام الله سبحانه وتعالى، فهو المطلع على حسن سلوكهما أو انحرافه، وقد جعل كلاً منهما راعياً ومسؤولاً، ففي الحديث الصحيح الذي رواه
البخاري وغيره عن رسول الله r: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" إلى أن يقول: والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته".
2- فإذا بدأ الخلاف بينهما أوصاهما بأن يتحمل كلّ أخلاق الآخر ويصبر على ما يكرهه منه، فالحياة لم تسو بين الناس في عقولهم وأخلاقهم وطباعهم، ولا بد من اغضاء الانسان عما لا يرضيه، وكثيراً ما يكون الخير فيما يكرهه الانسان ويتأذى به. وفي ذلك يقول الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً} [النساء: 19].
3- فإذا لم يعد أحدهما يحتمل الآخر. ويصبر على الخلاف معه، واشتد الخلاف بينهما بحيث يخشى من الشقاق والافتراق، أوجب الاسلام أن يُحكّم أهلهما في هذا الخلاف، فيختار الزوج واحداً يمثله، وتختار الزوجة واحداً يمثلها ويجتمعان كمحكمة عائلية ينظران في أسباب الخلاف وعوامله، ويحاولان إصلاح الأمور بينهما بما يستطيعان، ولا ريب في أن كلاً من الزوج والزوجة إذا كان راغباً في انهاء الخلاف وعودة الوئام بينهما الى سابق عهده فان الحكمين سينجحان في مهمتهما، وهذا ما تحدث عنه القرآن الكريم بقوله: {وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما} [النساء: 25].

4- فإذا لم ينفع التحكيم وأصر كل من الطرفين على موقفه، أجاز الاسلام أن يقع الطلاق بين الزوجين لمرة واحدة تعتد فيها الزوجة في بيت الزوجة مدة تقارب ثلاثة أشهر – ويعرف تفصيل ذلك من محله في كتب الفقه (المصدر السابق)- وفي خلال العدة تعيش الزوجة في بيت الزوجية، إلا أن زوجها لا يعاشرها معاشرة الأزواج، والحكمة من جعل العدة بهذا الشكل هو ترك الفرصة الكافية لاعادة الصفاء بين الزوجين، بعد أن تهدأ أعصاب كل منهما، ويريان نتيجة الانفصال وآثاره السيئة على حياتهما وحياة أولادهما، فلعلهما يعودان عن الخصام والنزاع، ويعود الهدوء والحب الى جو الأسرة. هذا ومع أن الاسلام أجاز ايقاع الطلاق في هذه الحالة كأمر لا مفر منه فإنه يراه مكروها، وينفر منه أشد التنفير. وذلك في قوله r: "أبغض الحلال الى الله الطلاق". ثم إن الطلقة التي أوقعها تعتبر طلقة رجعية ما دامت المرأة في العدة، بمعنى أن الزوج يستطيع أن يرجع اليه من غير مهر ولا عقد ولا شهود بل يكفي أن يتعاشرا معاشرة الأزواج لينتهي أثر هذه الطلقة، وتعود الحياة الزوجية الى سابق عهدها، وفي مذهب الشافعي لا بد من المراجعة بالقول كأن يقول لها: "راجعتك" فتحل له رأساً.
5- اذا انتهت العدة ولم يراجع الزوج زوجته أصبحت الطلقة بائنة بمعنى أن الزوج لا يستطيع أن يعود اليها الا بمهر وعقد جديدين، وان المرأة لو رفضت العودة اليه وفضلت أن تقترن بزوج آخر، لا يملك الزوج الأول إجبارها على العودة، ولا منعها من الزواج بالثاني.
6- اذا عادا الى الحياة الزوجية – سواء خلال العدة أو بعدها – ثم تكرر الخلاف نعيد ذات الخطوات السابقة، من ايصائهما بحسن معاملة احدهما الآخر، وتحمل احدهما لما يكرهه من الثاني، فاذا اشتد الخلاف ثانية لجأنا الى التحكيم العائلي، فاذا لم ينجح في الاصلاح بينهما كان للزوج أن يطلقها طلقة ثانية، ولها ذات الأحكام التي تأخذها الطلقة الأولى.

7- فإذا عاد الزوج الى زوجته بعد الطلقة الثانية وعاد الخلاف بينهما، عدنا الى اتخاذ الخطوات السابقة قبل ايقاع الطلاق، فاذا لم ينفع كل ذلك في الاصلاح بينهما جاز للزوج أن يطلق زوجته الطلقة الثالثة والأخيرة، وتصبح بائنة منه بينونة كبرى بمعنى، أنه لا يستطيع أن يرجعها اليه بعد هذه الطلقة الا بعد اجراء شديد الوقع على نفس الزوج والزوجة معاً وهو أن تكون الزوجة قد تزوجت بآخر بعد انقضاء عدتها من الأول، ثم وقع الخلاف بينهما وبين الثاني فطلقها، عندئذ يجوز للزوج الأول أن يعود اليها بعد عدتها من طلاق الزوج الثاني ويجب أن يكون ذلك كله طبيعياً من غير احتيال ولا تواطؤ. والحكمة من هذا الاجراء أن الزوج لا يقدم على ايقاع الطلقة الثالثة بعد كل ما سبق من محاولات التحكيم، وبعد طلقتين سابقتين اعتدت المرأة بعدهما، إلا بعد استفحال الخصومة بينه وبين زوجته، بحيث أصبح يعتقد أن استمرار حياتهما الزوجية على هذا الشكل: طلاق وافتراق ثم عودة والتقاء مرتين متتاليتين، أصبح جحيماً لا يطاق، وأنه قرر التخلص نهائياً من هذه الرابطة الزوجية، فأفهمه الشارع أن حين يوقع الطلقة الثالثة قد بانت عليه بينونة كبرى لا سبيل الى رجوعها اليه إلا بعد أن تجري الحياة الزوجية مع زوج آخر، ولو أبحنا له أن يعود الى الزواج منها بعد طلاقها للمرة الثالثة، ثم يعود فيطلقها حين يختلفان، ثم يعود فيرجعها حين يتفقان، لكان ذلك عبثاً في الحياة الزوجية، واستمرار لتعاسة الأسرة وشقائها الى ما لا نهاية، إذن فلا بد من حد يقف عنده الطلاق، وقد قدره الشارع بثلاث تخفيفاً لعذاب الزوج والزوجة والاولاد على السواء. وحكمة أخرى، وهي أن زواج المرأة من زوج آخر، ثم عودتها الى زوجها الأول، أمر شديد الوقع على نفس كل من الزوج والزوجة وهو مما تنفر منه النفوس الكريمة، فكان تعليق إباحة عودتهما الى الحياة الزوجية بعد الطلقة الثالثة على الزواج بزوج آخر ثم طلاقها منه،

منعاً في الحقيقة لايقاع الطلقة الثالثة بحيث لا يقدم عليها الزوج وهو يعلم ما وراءها من حكم قاس تشمئز منه نفسه، إلا وقد يئس نهائياً من استمرار حياته معها.
تلك هي أهم مبادئ الطلاق وخطواته في الاسلام، وهي كما ترى حريصة كل الحرص على أن لا تنقطع الحياة الزوجية لأول خلاف يقع بينهما، بل قد جعل الاسلام لها فرصاً "للهدنة" بينهما يستطيعان فيها إصلاح ما في نفسيهما إن أرادا الاصلاح والعيش معاً في حياة هانئة مستقرة.
في الأحوال الشخصية - في الطلاق - لماذا جعل الطلاق في يد الرجل
وهنا يتبادر الى الاذهان سؤال كثيراً ما أثاره الذين لا يؤمنون بنظام الاسلام وعظمته وسمو حكمته، هو: لماذا جعل الطلاق بيد الرجل وحده بحيث يتحكم الرجل في بت الحياة الزوجية متى شاء؟ وكثيراً ما يكون إثر خصام أو حالة من الغضب شديدة؟ ولماذا لم يجعل للمرأة رأي في ذلك ما دامت هي شريكة الرجل في حياته؟
إن الاحتمالات العقلية في هذا الموضوع لا تخلو عن خمسة:
1- أن يجعل الطلاق بيد المرأة وحدها.
2- أن يجعل الطلاق باتفاق الرجل والمرأة معاً.
3- أن يجعل الطلاق عن طريق المحكمة.
4- أن يجعل الطلاق بيد الرجل وحده.
5- أن يجعل الطلاق بيد الرجل. وتعطى المرأة فرصاً للطلاق إذا أساء الرجل استعمال حقه، فلنناقش كل احتمال منها على حدة.

1- لا سبيل لاعطاء المرأة وحدها حق الطلاق، لأن فيه خسارة مالية للرجل وزعزعة لكيان الأسرة، والمرأة لا تخسر ماديا بالطلاق، بل تربح مهراً جديداً، وبيتاً جديداً، و (عريساً) جديداً وإنما الذي يخسر هو الرجل الذي دفع المهر للمرأة ويقوم بنفقة البيت والأولاد، وقد دفع نفقات العرس، وثمن اثاث البيت، فاذا أعطيت المرأة حق الطلاق بمجرد إرادتها سهل عليها أن توقعه متى اختصمت مع الزوج نكاية به ورغبة في تغريمه، سيما وهي سريعة التأثر، شديدة الغضب، لا تبالي كثيراً بالنتائج وهي في ثورتها وغضبها، ولنتصور رجلاً اختلف مع زوجته فاذا هي تطلقه وتطرده من البيت وهو صاحبه ومنفق عليه؟!
2- وجعل الطلاق بيد الرجل والمرأة معاً، أمر يكاد من المستحيل اتفاقهما عليه، إن الإسلام لا يمنع أن يتفاهم الرجل والمرأة معاً على الطلاق، ولكن لا يعلق صحته على اتفاقهما معاً، إذ ماذا يكون الحال فيما لو أصبحت حياة الرجل مع امرأته شقاء ليس بعده شقاء، فأراد أن توافقه على طلب الطلاق فأبت؟ وكثير من النساء في مثل هذه الحالة يفضلن عذاب الرجل وتعاسته على راحته وخلاصه، ثم إن المرأة لم تنفق شيئاً على البيت، ولا دفعت مالاً للرجل، فلماذا تربط إرادته بارادتها في إنهاء الحياة الزوجية؟ وكيف تجبره على ان يعيش مع امرأته كرهها ثم أبت ان توافق على طلاقها منه؟

3- وجعل الطلاق عن طريق المحكمة كما هو عند الغربيين، قد ثبتت أضراره من جهة، وعدم جدواه من جهة أخرى. أما أضراره فلما يقتضيه من فضح الأسرار الزوجية أمام المحكمة والمحامين عن الطرفين، وقد تكون هذه الأسرار مخزية من الخير لأصحابها سترها لنتصور أن رجلاً اشتبه في سلوك زوجته، وتقدم الى المحكمة طالباً طلاقها لهذا السبب، كم تكون الفضائح في هذا الموضوع؟ وكم يكون مدى انتشارها بين الأقرباء والأصدقاء والجيران وبعض الصحف التي تتخذ من مثل هذه القضايا مادة للزواج؟ وأما عدم جدواه فان المتتبع لحوادث الطلاق في المحاكم في الغرب يتأكد أن تدخل المحكمة شكلي في الموضوع، فقل ان تقدمت إمرأة أو رجل بطلب الطلاق الى المحكمة ثم رفض، وإن كثيراً من ممثلات السينما يعلن عن رغبتهن في الطلاق من أزواجهن، والزواج من آخرين قبل أن يتقدمن الى المحاكم بهذا الطلب، ثم ما تلبث المحاكم أن تجيبهن الى طلبهن. وأبشع من ذلك أن المحاكم في بعض البلاد الغربية لا تحكم بالطلاق الا إذا ثبت زنى الزوج أو الزوجة، وكثيراً ما يتواطئان فيما بينهما على الرمي بهذه التهمة ليفترقا، وقد يلفقان شهادات ووقائع مفتعلة لإثبات الزنى حتى تحكم المحكمة بالطلاق. فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق بالكرامة؟ أن يتم الطلاق بدون فضائح؟ أم أن لا يتم إلا بعد الفضائح؟

4- وجعل الطلاق بيد الرجل وحده، هو الطبيعي المنسجم مع واجباته المالية نحو الزوجة والبيت، فما دام هو الذي يدفع المهر ونفقات العرس والزوجية، كان من حقه أن ينهي الحياة الزوجية إذا رضي بتحمل الخسارة المالية والمعنوية الناشئين عن رغبته في الطلاق. والرجل في الأعم الغالب اضبط اعصابا، وأكثر تقديراً للنتائج في ساعات الغضب والثورة، وهو لا يقدم على الطلاق إلا عن يأس من امكان سعادته الزوجية مع زوجته ومع علم بما يجره الطلاق عليه من خسارة، وما يقتضيه الزواج الجديد من نفقات، فقل ان يقدم عليه إلا وهو على علم تام بالمسؤولية، وعلى يأس تام من استطاعته العيش مع زوجته لذلك نجد أن إعطاء الرجل وحده حق الطلاق طبيعي ومنطقي ومنسجم مع قاعدة "الغُرم بالغُنم".
اعتراض وجوابه:

غير أنه يرد عليه ان الرجل لا يوقع الطلاق دائماً وهو معذور فيه أو مضطر اليه، بل قد يفعل ذلك نكاية بالزوجة ورغبة في الاضرار بها وكثير ممن لا خلاق لهم يطلقون زوجاتهم لمجرد الرغبة في الاستمتاع بامرأة جديدة، وقد يكون له من الأولى أولاد فتسيء الزوجة الجديدة معاملتهم، وكثيراً ما يرضخ الزوج لرغبة زوجته الجديدة فيرضى أو يسهم في تعذيب أولاده من زوجته الأولى وإساءة معاملتهم. والجواب أن كل نظام في الدنيا يساء استعماله، وكل صاحب سلطة لا بد من أن يتجاوزها إذا كان سيء الأخلاق ضعيف الوازع الديني، ومع ذلك فلا يخطر في البال أن تلغى الأنظمة الصالحة لأن بعض الناس يسيئون استعمالها، أو أن لا تعطى لأحد في الدولة أية صلاحية لأن بعض أصحاب الصلاحيات تجاوزوا حدودها. إن الإسلام أقام دعامته الأولى في أنظمته على يقظة ضمير المسلم واستقامته ومراقبته لربه. وقد سلك لذلك سبلاً متعددة تؤدي – إذا روعيت بدقة وصدق – إلى يقظة ضمير المسلم وعدم إساءته ما وكل إليه من صلاحيات. وأكبر دليل على ذلك، أن الطلاق لا يقع عندنا في البيئات المتدينة تديناً صحيحاً صادقاً إلا نادراً، بينما يقع في غير هذه الأوساط لا فرق بين غنيها وفقيرها. على أن كل نظام وكل قانون في الدنيا لا بد من أن ينشأ عند تطبيقه بضع الأضرار لبعض الأفراد، ومقياس صلاح النظام أو فساده هو نفعه لأكبر قدر من الناس أو اساءته اليهم، وإذا قارنا بين حسنات إعطاء الرجل حق إيقاع الطلاق بسيئات نزع هذا الحق منه أو اشراك غيره معه فيه رجحت عندنا كفة الحسنات على السيآت كثيراً، وهذا وحده كافٍ في ترجيح إعطاء الرجل وحده حق الطلاق.
اعتراض آخر وجوابه:

وهنالك اعتراض آخر كان قائماً منذ سنوات، وكانت الألسنة تلهج به، وهو أن في بعض أحكام الطلاق ما يؤذي المرأة حتما، وليس فيها ما ينصفها أو يدفع عنها الأذى، ومن ذلك إيقاع الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد، وطلاق المرأة في حالة غضب الزوج غضباً لا يكاد يعي فيه ما يقول، وعدم استطاعة الزوجة الخلاص من زوج يسيء معاملتها حتى أصبحت معه جحيما لا يطاق، وهي تتمنى طلاقها منه بأي وسيلة ولكنه يتعنت ذلك ويأبى طلاقها. إن مثل هذه الحالات كانت قائمة في مجتمعنا، وكانت الشكوى منها عامة ولكن الحق أنها ليست ناشئة من نظام الطلاق كما جاء في القرآن والسنة، ولكنها ناشئة من التقيد بأحكام مذهب معين من المذاهب الأربعة كما كان العمل عليه في محاكمنا الشرعية منذ عصور حتى سنوات خلت. ولهذا اتجهت عناية المصلحين الى الاستفادة من المذاهب الاجتهادية الأربعة وغيرها مما يخفف هذا الاعنات عن المرأة، ومما يفسح أمامها مجالاً للخلاص من زوج ظالم قاسي القلب سيء الأخلاق لا ترى منه إلا كل غلظة وفظاظة. وأستطيع أن أؤكد أن ما وضع في سبيل ذلك من تشريع – سواء في سورية أو مصر أو غيرها – قد أزال كثيراً من أسباب الشكوى من انفراد الزوج بحق الطلاق، هذا مع اعتقادي بأنه لا تزال هناك ثغرات يجب أن تعالج أيضاً بالأخذ بما يصلح من المذاهب الاجتهادية في الاسلام. لقد قامت هذه التشريعات على الحل الخامس المعقول الذي ذكرناه من قبل، وهو أن يبقى الطلاق بيد الرجل، على أن تعطى المرأة فرصاً للخلاص من زوج تكرهه، أو زوج يتعمد اعناتها وإيذائها. وبذلك نحول دون استبداد الزوج بحق الطلاق استبدادا يتنافى مع الخلق الاسلامي بعد أن ضعف الوازع الديني، وساءت الأخلاق إلى حد كبير.
في الأحوال الشخصية - في الطلاق - الاصلاحات التشريعية في الطلاق
 
وإنني سأستعرض بإيجاز أهم ما احتواه قانوننا للأحوال الشخصية، وهو في ذلك متفق مع قوانين مصر في كثير من هذه الأحكام. وينفرد عنها بأحكام جديدة.
1- جعل الطلاق رجعياً
جعل الطلاق كله رجعياً إلا في الحالات الآتية:
أ - الطلاق الثالث فإنه يقع بائناً فوراً.
ب - الطلاق قبل الدخول والخلوة الصحيحة.
ت - الطلاق على مال وهو الخلع أو المخالعة.
ث - التفريق للعلل الجنسية.
ج - التفريق للشقاق بين الزوجين.
وقد كان العمل قديماً بمذهب أبي حنيفة من أن ألفاظ الكناية والطلاق المقترن بما يفيد التشديد فيه وغير ذلك يعتبر طلاقاً بائناً، فكان إذا قال لزوجته: أنت عليّ حرام يقع الطلاق بائناً ولا يمكن للزوج مراجعة زوجته في العدة. ولكن المذاهب الأخرى لا تذهب الى هذا التضييق، ولذلك ذهب قانوننا الى أن كل طلاق يقع رجعياً إلا ما ذكرناه، وفي هذا اصلاح كبير، فإنه يترك الفرصة خلال العدة لمراجعة الزوج من غير أن يحتاج الى عقد ومهر جديدين.


2- الطلاق الثلاث بلفظة واحدة



جعل الطلاق الثلاث بلفظة واحدة إلا طلقة واحدة، وقد كان العمل قديماً بمذهب أبي حنيفة وتؤيده المذاهب الثلاثة الأخرى الى أن الطلاق الثالث يقع ثلاثاً مرة واحدة، وكانت تقع نتيجة لذلك من المشكلات والحيل واللجوء الى "
المحلل" ما يندى له الجبين. ولكن قانوننا أخذ برأي بعض الصحابة والتابعين وبعض أتباع المذاهب الاجتهادية الأخرى كابن تيمية وابن القيم رحمهما الله. ومذهب الامامية على الراجح عندهم من أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع إلا واحدة. وأنا لا أريد الخوض في مناقشة الأدلة التي يوردها الطرفان حول هذا الموضوع، ولكنني ألفت النظر الى أن آيات الطلاق في القرآن تشير الى أن جعل الطلقات ثلاثاً إنما هو لفسح المجال لعودة الصفاء بين الزوجين بعد الطلقة الأولى والطلقة الثانية، ويكاد يكون النص القرآني صريحاً في ذلك. يقول الله تعالى: {الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ثم يقول بعد ذلك: {فإن طلقها (أي للمرة الثالثة) فلا تحل من بعد حتى تنكح زوجاً غيره}. فهو هنا صريح في أن الطلاق على مراحل، تقع الطلقة الأولى فاما أن يمسكها بمعروف أي يراجعها وإما أن يسرحها بإحسان، فإذا راجعها ثم طلقها للمرة الثانية كان عليه أيضاً أن يراجعها وإما أن يسرحها بإحسان. فإذا طلقها للمرة الثالثة لم تعد تحل له حتى تتزوج غيره.
 
هذا هو نظام الطلاق بصراحة في القرآن الكريم، فكيف يتأتى تطبيق هذا النظام فيما لو طلقت الزوجة طلاقاً بائناً بينونة كبرى بمجرد أن يطلقها زوجها ثلاثاً بلفظ واحد في مجلس واحد وفي ثانية واحدة؟ ثم إن الله تعالى يقول في سورة الطلاق {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن، وأحصوا العدة، واتقوا الله لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف}. فهذه الآيات صريحة في أن الطلاق يجب فيه التأني، وأن المطلقة يجب أن تعتد في بيت الزوجية ولا تخرج منه احتمال أن يحدث الله بعد ذلك أمراً، أي احتمال أن يعود الصفاء إلى قلب الزوجين فيعودا الى حياة الزوجية، فاذا انتهت العدة فاما أن يمسك الرجل مطلقته أي يعيدها اليه كزوجة، وإما أن يفارقها، وقد أخبر الله في هذه الآيات أن من لم يتقيد بهذه الحدود فقد ظلم نفسه. فهل يمكن تطبيق ذلك في الطلاق الثلاث بلفظ واحد إذا أنفذناه ثلاثاً فبانت منه زوجته بينونة كبرى؟ هل هناك أمل بأن يحدث الله أمراً؟ هل يمكنه أن يمسكها بعد ذلك بالمعروف؟ وإذا رجعنا الى آية الظهار نجد أن الله أمر من ظاهر امرأته – بأن يقول لها أنت عليّ كظهر أمي – أن يتربص أربعة أشهر فلعله يعود إليها ويرجع عما انتواه من هجرها وطلاقها، فاذا انتهت الشهور الأربعة، وقع الطلاق إما بنفس الظهار أو بلفظ جديد على خلاف بين الفقهاء. الذي نستنتجه من مجموع هذه النصوص أن الله لم يشرع الطلاق لبيت الحياة الزوجية بتاً نهائياً، وإنما جعله على مراحل، وترك بين كل مرحلة وأخرى فرصة للمراجعة والمصالحة.. وهذا لا يتأتى مع إنفاذ الثلاث بلفظة واحدة. إن قانوننا أحسن صنعاً بالأخذ بهذا الرأي – كما أخذ بذلك من قبل قانون مصر – وخلصنا من مشكلة التحليل والمحلل وما يلابسها من مخازٍ ومخجلات....


3- طلاق السكران والمكره والمدهوش


الأصل في صحة التصرفات كلها اكتمال الأهلية وذلك بالعقل والبلوغ، وتمام ذلك بالرضى، وعلى ذلك كان مقتضى القواعد العامة أن لا يقع طلاق السكران ولا المكره، أما السكران فلفقدان التمييز والعقل حين تلفظ بالطلاق، وأما المكره فلفقدان الرضى منه. ولكن مذهب أبي حنيفة صحة طلاق السكران، ويرى ذلك من قبيل العقوبة له على سكره، فيكون إيقاع طلاقه رادعاً له عن السكر، ولكن الواقع أن هذا الحكم لم يردع السكارى عن سكرهم، وأن هذه العقوبة جاءت على رأس الزوجة المسكينة التي ربما كان طلاقها لأنها أنبت زوجها السكران على سكره، فعاجلها بالطلاق، لذلك كان الصحيح ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة من عدم صحة طلاقه. وهذا ما أخذ به قانوننا. وأما المكره فقد ذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم صحة طلاقه أيضاً، لفقدان الرضى منه، ولكن أبا حنيفة خالفهم فأجاز طلاقه، وقد أخذ القانون بما ذهب اليه الأئمة الثلاثة. وأما المدهوش وهو الغضبان الذي فقد تمييزه من شدة الغضب أو المرض أوغيرهما حتى أصبح لا يعي ما يقول، فقد ذهب الأئمة الثلاثة إلى صحة طلاقه، ولكن أبا حنيفة ذهب الى عدم صحته، وهذا هو المعقول وهو الذي أخذ به القانون.


4- اليمين بالطلاق


كان العمل في المحاكم على أن من حلف على امرأته بالطلاق أن لا تفعل شيئاً ففعلته، يحكم بطلاق المرأة، ولكن مذهب الظاهرية والى ذلك ذهب بعض أصحاب الشافعي وأحمد، التفصيل في ذلك فان كان قصد من قوله، إن دخلت، أو قصد بذلك التأكيد عليها بعدم دخول لا إيقاع الطلاق إن دخلت، أو قصد بذلك التأكيد عليها بعدم دخول الدار، لا يقع الطلاق بدخولها، وكان كلامه كاليمين يقصد به التأكيد والاستيثاق، وتكون فيه كفارة اليمين. وإن قصد أنها إن دخلت الدار طلقت فعلاً، فإنها تطلق بدخول الدار. ولما كان أكثر الناس يقصدون من مثل تلك العبارة معنى اليمين لا إيقاع الطلاق، كان الأخذ بذلك التفصيل أرفق بالناس. وأكثر تضييقاً لدائرة الطلاق، وبهذا أخذ قانوننا.
5- اشتراط المرأة جعل الطلاق بيدها
قلنا إن مذهب أبي حنيفة جوز أن تشترط المرأة في العقد أن يكون أمر الطلاق بيدها تقوله متى شاءت، وهو من الشروط الجائزة في مذهب أحمد كما ذكرناه، ولما كان في الأخذ به احتياط لمصلحة المرأة، ومنع من استبداد الرجل بأمر طلاقها، فقد أخذ القانون بصحة هذا الشرط.


6- الطلاق للغيبة:


إذا غاب الرجل عن زوجته غيبة منقطعة بحيث لا يدري أين هو؟ فما حكم زواجه؟
مذهب أبي حنيفة والشافعي أن الزوجة تظل في عصمة زوجها الغائب حتى يحضر أو يحكم القاضي بموته، واختلفوا متى يحكم القاضي بموته؟ وأشهر الأقوال في المذهب الحنفي أن يموت آخر واحد من أقرانه، وقيل أن يبلغ من العمر ثمانين سنة. وذهب مالك وأحمد الى التفريق بينها وبين زوجها الغائب بعد مدة قليلة قيل إنها أربع سنوات، وقيل ثلاث، وقيل سنة، وقيل ستة أشهر. ولا شك أن الأخذ بمذهبي أبي حنيفة والشافعي فيه إعنات بالمرأة واضرار بالغ بها، اذ عليها أن تنتظر حتى يبلغ عمر زوجها ثمانين سنة، ثم تعتد بعد ذلك وتحل للأزواج، ومن الذي يتزوج بها حينئذ؟ وكيف نجبرها على الوحدة والصبر خلال هذه السنين الطوال؟ وغالباً ما تموت قبل أن يحكم القاضي بموت زوجها على مذهبي الشافعي وأبي حنيفة. لذلك كان الأرفق بالمرأة، والأحصن لها أن يؤخذ برأي المذاهب الأخرى، فاختار القانون أن الزوج إذا غاب بلا عذر مقبول أو حكم عليه بعقوبة السجن أكثر من ثلاث سنوات جاز لزوجته بعد سنة من غيابه أو سجنه أن تطلب الى القاضي التفريق بينها وبين زوجها، ولو كان له مال تستطيع الانفاق منه. ثم نص القانون أن هذا التفريق طلاق رجعي، فاذا رجع الغائب أو أطلق السجين والزوجة في العدة حق له مراجعتها. والغيبة المنقطعة هي أن لا يكون للزوج مكان معلوم، أو كان في مكان لا تصل اليه الرسائل. ويشترط في الغيبة أن لا تكون لعذر مقبول، إذ يكون ذلك دليلاً على قصده الاضرار بها، فان كان لعذر مقبول، كالغياب في خدمة العلم، أو الجهاد في سبيل الله، أو طلب العلم، لا يحق لها طلب التفريق لأنه لم يقصد بغيابه الاضرار بها.


7- الطلاق لعدم الانفاق:
 

اذا امتنع الزوج عن الانفاق على زوجته، فقد ذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد الى جواز التفريق بينهما، أخذاً من قوله تعالى: {ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا} [البقرة: 131] ولا شك في أن امساكها مع الامتناع عن الانفاق عليها إضرار بالغ بها. وذهب أبو حنيفة الى عدم جواز التفريق لعدم الانفاق، لأن الزوج لا يخلو من أن يكون معسراً أو موسراً، فإن كان معسراً فلا ظلم منه بعدم الانفاق، والله تعالى يقول: {لينفق ذو سعة من سعته، ومن قُدر عليه رزقه (ضُيق) فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا} [الطلاق: 07] وإذا لم يكن ظالماً فلا يجوز أن نظلمه بإيقاع الطلاق عليه، وإن كان موسراً فهو بلا شك ظالم في امتناعه، ولكن دفع ظلمه لا يتعين بالتفريق بينهما، بل هنالك وسائل أخرى لرفع الظلم، منها: بيع ماله جبرا عنه للانفاق على زوجته، ومنها حبسه لإرغامه على الانفاق، وأيا ما كان فان الظلم لا يدفع بالظلم. كان العمل قديماً بمذهب أبي حنيفة، ولكن قانوننا أخذ بمذاهب الأئمة الثلاثة حفظاً للزوجة من الضياع، وصيانة لها عن الانحراف، وقد فصل القانون في هذه الحالة تفصيلاً ليس هذا محله.


8- الطلاق المعلل:


الأصل في الزواج أن يكون لسكن النفس واطمئنانها، ومما يؤثر في ذلك وينغض الحياة الزوجية وجود العلل والأمراض في أحد الزوجين فما مصير الزواج اذا اكتشف أحدهما علة في الآخر بعد الزواج؟.
تنقسم الى قسمين:
1- علل جنسية تمنع من الاتصال الجنسي كالحَبب والسُعنة والخصاء في الرجل، والرَتق والقرن في المرأة.
2- علل لا تمنع من الاتصال الجنسي ولكنها منفرة أو معدية أو ضارة بحيث لا يمكن المقام معها إلا بضرر، كالجذام والبرص والجنون والسل والزهري.
 
وتختلف مذاهب العلماء في حكم هذه العلل بالنسبة للزواج. فذهبت الظاهرية إلى أنه لا يحق لأحد من الزوجين طلب التفريق بسبب علة من العلل مطلقاً، ولو كانت عللاً جنسية. وهذا بعيد عن حكمة التشريع، ولذلك لم يوافق عليه أحد من أئمة الاجتهاد. وذهب فريق من العلماء – منهم ابن شهاب الزهري وشريح وأبو ثور – إلى جواز طلب التفريق من كل عيب مستحكم، سواء كان في الزوج أو الزوجة، لأن العقد قد تم على أساس السلامة من العيوب، فاذا انتفت السلامة فقد ثبت الخيار، وهذا قول قريب جداً من حكمة التشريع. وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف الى أن العيوب الجنسية ان كانت في المرأة فلا خيار للرجل في فسخ النكاح، لأنه يملك تطليقها في أي وقت يشاء... وإن كانت العلل الجنسية في الرجل فللمرأة حق طلب فسخ النكاح في ثلاثة منها فحسب، وهي: الجَب، والخصاء، والسعنة. أما العلل غير الجنسية فلا خيار للرجل ولا للمرأة في حق الفسخ. ومعنى ذلك أنه لا حق في طلب الفسخ من مرضٍ كالسل أو الزهري أو غيرهما من الأمراض المعدية أو المنفرة. وهذا بعيد عن حكمة التشريع في الزواج. وذهب محمد الى أن العيوب إن كانت في المرأة فلا حق للرجل في طلب الفسخ جنسية أم غير جنسية، لأن الرجل يملك التطليق حين يريد. وإن كانت في الرجل فلها طلب الخيار في العيوب الجنسية، وفي غير الجنسية إذا كانت لا يمكن المقام معها إلا بضرر. هذا هو الصحيح من مذهب محمد (السراج الوهاج شرح القدوري للحدادي) خلافاً لما توحيه عبارات بعض فقهاء الحنفية. وذهب مالك والشافعي وأحمد الى أن لكل من الرجل والمرأة طلب التفريق اذا وجد أحدهما بالآخر عيباً جنسياً أو منفراً بحيث لا يمكن المقام معه إلا بضرر. وهذا هو أقرب الآراء الى حكمة التشريع في الزواج، وإلى منع الضرر عن الرجل والمرأة على السواء.
في قانوننا:
 
كان العمل قديماً قبل صدور قانون حقوق العائلة برأي أبي حنيفة وأبي يوسف من أن العلل التي تبيح للرجل طلب فسخ النكاح إذا وجدت في المرأة هي العلل الجنسية الثلاثة المذكورة آنفاً. وهي الجَب، والخصاء، والسُعنة. ثم جاء قانون حقوق العائلة فأخذ بقول محمد وأجاز للرجل طلب الفسخ لكل العيوب المنفرة. ولما صدر قانوننا للأحوال الشخصية كان موقفه غريباً من هذا الموضوع فقد كان رجعة الى الوراء، إذ جعل من حق الزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها إذا كان فيه احدى العلل المانعة من الدخول بشرط سلامتها منها، وإذا أصيب بالجنون بعد الزواج. ومعنى هذا أن المرأة لا حق لها في طلب التفريق اذا وجدت بزوجها مرضاً معدياً أو منفراً، كالسل والجزام والبرص والزهري وغير ذلك. وهذا في منتهى الغرابة، إذ كيف تستطيع المرأة أن تصبر على زوج مبتلي بمثل تلك الأمراض وتعيش معه وتمنحه حبها وقلبها؟! وكيف يتحقق السكن النفسي في مثل هذا الزواج؟ مع أن بعض العلل المانعة من الدخول قد تكون أخف على المرأة كثيراً من الأمراض المؤذية والمعدية، فالمرأة قد ترضى بالعيش مع رجل عاجز عن الاتصال الجنسي، ولكنها لا ترضى أن تعيش مع رجل مصاب بمرض مؤذ أو معدٍ ولو كان قادراً على الدخول بها... فكيف غاب هذا الأمر عن واضعي القانون. يقول ابن القيم (زاد المعاد: 4/30) في التعقيب على ما ذكره بعض فقهاء الحنابلة من أن الامام أحمد قصر العيوب الجنسية على ثلاثة أو خمسة فقط:
 
"وأما الاقتصار على عيبين أو ستة أو سبعة دون ما هو أولى منها أو مساوٍ لها فلا وجه له، فالعمى والخرس والطرش وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو أحدهما، أو كون الرجل كذلك، من أعظم المنفرات، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش، وهو منافٍ للدين، والاطلاق في العقد إنما ينصرف الى السلامة فهو كالمشروط عرفاً، وقد قال عمر لمن تزوج امرأة وهو لا يولَد: أخبرها أنك عقيم وخّيرها، فماذا يقول رضي الله عنه في العيوب التي هذا (أي العقم) عندها (عند تلك العيوب) كمال بلا نقصان، والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار".
ثم قال: "ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته وما يشتمل عليه من المصالح لم يخف عليه رحجان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة". وقصارى القول إن قانون الأحوال الشخصية السوري قصر في هذا الموضوع تقصيرا ضاراً بالمرأة والرجل على السواء، ومن الواجب تعديله بما يعطي حق كل من المرأة والرجل في طلب الفسخ إذا اطلع أحدهما في الآخر على عيب منفر أو معد بحيث لا يمكن المقام معه إلا بضرر، وهذا متفق مع قول محمد ومع الصحيح من مذهب الحنابلة، وهو قبل كل شيء متفق مع قواعد الشريعة ومقاصدها وحكمة التشريع في الزواج.


9- التفريق للشقاق:
 

قلنا إن الاسلام أوجب تأليف لجنة محكّمة لبحث أسباب النزاع بين الزوجين على أن يكون من أهل الزوج، والآخر من أهل الزوجة. وقد نص قانوننا على اتخاذ هذا الإجراء عند ادعاء الزوج أو الزوجة أن أحدهما يضر بالآخر ويتعمد الإساءة إليه، ثم تقدم اللجنة المحكّمة تقريراً الى القاضي عن نتيجة تحقيقاتها في النزاع وأسبابه، فان اقترحا الإصلاح بينهما لم يكن للقاضي التفريق، وإن اقترحا التفريق فرق القاضي بينهما، ويعتبر ذلك طلقة بائنة. وقد فصل القانون في الحكم بالمهر، على حسب ما يتحقق له من أن الإساءة كانت من الزوج أو الزوجة. هذا والقول بالتفريق للشقاق هو مذهب مالك وأحمد، ولا يرى أبو حنيفة والشافعي جواز التفريق للشقاق، فيكون القانون قد استمد هذا الحكم من مذهبي المالكية والحنابلة، ونعم ما فعل، فان الحياة الزوجية لا تستقيم مع الشقاق والنزاع، عدا ما في ذلك من ضرر بالغ بتربية الأولاد وسلوكهم. ولا خير في اجتماع بين متباغضين، ومهما يكن أسباب هذا النزاع خطيراً أو تافهاً فإن من الخير أن تنتهي العلاقة الزوجية بين هذين الزوجين لعل الله يهيئ لكل واحد منهما شريكا آخر لحياته يجد معه الطمأنينة والاستقرار.


10- الطلاق التعسف:


كل الأسباب السابقة التي ذكرناها يكون الطلاق أو التفريق فيها أمراً تحتمه المصلحة، إما مصلحة الزوجة أو مصلحة الزوج. وهنالك حالتان يكون الطلاق فيهما تعسفاً وعدواناً خالصاً. وقد تعرض القانون لهما أيضاً:
1- أن يطلق الرجل المريض مرض الموت زوجته ليحرمها من ارثها منه، وهذا بلا شك عدوان لا يرضاه الله وتأباه المروؤة، وللأئمة فيه آراء مختلفة:
 
فيرى الشافعي أن المرأة إذا طلقها زوجها طلاقاً بائناًَ وهو في مرض الموت ثم مات قبل أن تنتهي عدتها، لا ترث من ذلك الزوج، لأن الطلاق البائن يقطع عرى الزوجية فلما مات لم تكن زوجته فلا ترث منه، أما أن يكون قصده من طلاقها حينئذ الفرار من ارثها فذلك أمر يعاقبه الله عليه، ولا يؤثر على الصيغ والعقود. ويرى الأئمة الثلاثة أن العدل يقتضي معاقبته على قصد اضراره بالزوجة، واختلفوا بعد ذلك في الحكم:
فرأى أبو حنيفة توريثها منه إذا مات وهي لا تزال في عدتها، فان انقضت عدتها من الطلاق ثم مات بعد ذلك لم ترث منه.
ورأى أحمد أنها ترث منه ولو مات بعد انتهاء عدتها ما لم تتزوج زوجاً آخر، فاذا تزوجت فلا إرث لها من زوجها الأول.
ورأى مالك أنها ترث ولو انتهت عدتها وتزوجت من آخر، وهذا كما ترى على طرف النقيض من رأي الشافعي، بينما ذهب أبي حنيفة وأحمد متوسطان.
وقد اختار القانون رأي أبي حنيفة، ونحن نختار رأي أحمد فهو أقرب الآراء الى العدالة، وأدناها الى معاملة الزوج بخلاف قصده، إذ قصد الفرار من إرثها، فورثناها منه ما لم تتزوج زوجا آخر، فإنها سترث من هذا الأخير فلا معنى لتوريثها من الأول.
 
2- والحالة الثانية من حالات التعسف أن يطلقها لغير سبب معقول، وقد تكون فقيرة أو عجوزا لا أمل في زواجها مرة ثانية، فبقاؤها من غير زوج ينفق عليها إضرار بها، ولؤم في معاملتها، وهو آثم بلا شك فيما بينه وبين الله تعالى، ولكن العمل قديماً على عدم إنصاف مثل هذه المرأة، فجاء قانوننا يعطي الحق للقاضي أن يفرض لها على مطلقها بالتعويض بنسبة التعسف ودرجته. وهذا مبدأ جديد في قوانيننا، ومستنده – فيما نظن – أن الله أوجب لبعض المطلقات متعة – وهي مثل ثيابها عند خروجها من بيتها ويجوز أن يقدر ذلك بدراهم – كما رغب في اعطاء المتعة لبعض المطلقات الأخر. بحيث لا تخلو مطلقة من متعة تأخذها من الزوج، وليس للمتعة كما قال الفقهاء حد معين ولا لباس معين، وإنما تقدر بحسب عرف البلد وتعامل الناس، لأن القرآن الكريم قيدها " بالمعروف" وهذا مما يختلف فيه الناس بين بلد وبلد، وبين زمن وزمن، وبين امرأة وأخرى، فاستند قانوننا الى هذا المبدأ الشرعي فأجاز للقاضي أن يحكم على المطلق بتعويض يتناسب مع ظلمه للمرأة وتعسفه في طلاقها. وهذا تشريع جميل بلا ريب من شأنه أنه يخفف عن المطلقة ألم الطلاق، ولكننا نأخذ على القانون أنه اشترط أن لا يزيد التعويض عن نفقة سنة لأمثالها فوق نفقة العدة، فنحن نرى أن لا يقيد ذلك بنفقة سنة، فما دام الزوج ظالماً متعسفاً، وما دامت الزوجة مظلومة، فلم لا يلزم بالانفاق عليها حتى تتزوج ان كانت في سن قابل للزواج، أو حتى تلقى وجه ربها إن كانت عجوزاً شارفت على وداع الحياة؟ والشريعة الاسلامية في عدالتها تأبى أن تترك مثل هذه المرأة العجوز تعاني آلام البؤس والفاقة حتى تلقى وجه ربها، بعد أن أمضت زهرة شبابها مع زوج لم يكن عنده من الوفاء ما يحفظ لها كرامتها في أخريات أيامها.


الخلاصة:
 

نجد من كل ما تقدم أن الاسلام في أصل نظامه الذي وضعه للطلاق راعى فيه ضرورات الحياة وواقع الناس في كل زمان، كما أنصف فيه المرأة من فوضى الطلاق التي كانت سائدة عند عرب الجاهلية حيث لا عدد ولا عدة ولا حقوق ولا التزامات، كما كانت سائدة في الشعوب التي تبيح شرائعها الطلاق. ونجد أيضاً أن المرأة لم تعد تحت رحمة الرجل الذي يملك حق الطلاق، بل فتح لها الاسلام منافذ تنفذ منها الى حياة الراحة من زوجية شقية بائسة مع زوج قاس ظالم، فأعطاها حق اشتراط أن يكون الطلاق بيدها عند عقد الزواج، ويسر لها الخلاص من الزوج برضاه ورضاها إذا كفلت له التعويض عن خسائره المالية بسبب الطلاق، وذلك عن طريق "الخلع" أو "المخالعة" كما فتح لها الطريق الى القضاء ليحكم بالتفريق بينها وبين زوجها في حالات لا تستطيع الحياة فيها مع زوجها. وحتى في حالات الطلاق التعسفي من جانب الرجل فقد ضمن لها الاسلام حقوقها كما رأينا، فلم يبق بعد ذلك مجال للشكوى إلا من حالات أساء فيها الزوج استعمال حق الطلاق، ومثل هذه الحالات لا يستطيع أي قانون في الدنيا أن يحتاط لمنع وقوعها، وإنما المدار في ذلك على التربية الدينية، ويقظة الضمير واستقامة الوجدان، وهذا ما حرص الاسلام على أن يربى عليه المسلم تربية تمنعه من الاساءة لا إلى زوجته فحسب، بل الى أي انسان كان قريباً أو بعيداً، مواطناً أو أجنبياً، وإني أحيل الذين يشككون في هذا الأمر الى احصاءات الطلاق ليروا كيف يكاد الطلاق ينعدم في البيئات المتدينة تديناً واعياً صادقاً لا جهل فيه ولا غباوة، ولا تدجيل ولا تجارة...